ولا يخفى : أنه لا يكاد يأتي (١) القسم الأول هاهنا (٢) ، فإن (٣) انطباق عنوان
______________________________________________________
وحاصل الجواب عن اجتماع الوجوب والاستحباب : يرجع إلى وجوه ثلاثة :
الأول : حمل الأمر الاستحبابي على الإرشادي الذي هو أمر حقيقة ، من غير فرق فيه بين القول بجواز الاجتماع والقول بامتناعه.
الثاني : حمله على المولوي الاقتضائي ، وهو أمر أيضا حقيقة ؛ لكنه في مرحلة الاقتضاء لا الفعلية ، وهو يكون فيما إذا كان ملاك الأمر اتحاد العبادة مع عنوان مستحب كالكون في مسجد.
الثالث : حمله على المولوي الفعلي ؛ لكن تعلقه بالعبادة يكون بالعرض والمجاز ، لكون متعلق الأمر حقيقة العنوان الملازم للصلاة جماعة ، كاجتماع المسلمين في مكان واحد ؛ لكن هذا الوجه مبني على جواز الاجتماع لتعلق كل من الأمر الوجوبي والندبي بعنوان يخصه.
قوله : «على القول بالجواز» قيد لقوله : «متحد» ضرورة : أنه على الامتناع يستحيل اجتماع الوجوب والاستحباب الفعليين لتضادهما راجع «منتهى الدراية ، ج ، ٣ ص ١٣٥».
(١) الصواب حذف جملة «ما ذكر» عن المتن ، أي : «لا يكاد يأتي ما ذكر في القسم الأول هاهنا».
وحاصل ما أفاده : أن ما ذكر في القسم الأول من العبادات المكروهة ؛ من كون الترك فيها متحدا أو ملازما لعنوان ذي مصلحة لا يجري في اجتماع الوجوب والاستحباب ؛ كالصلاة في المسجد أو جماعة.
وجه عدم الجريان : هو الفرق بين المقامين ، حيث إن العنوان في القسم الأول من العبادات المكروهة كصوم يوم عاشوراء ينطبق على الترك أو يلازمه ، فيصير كل من الفعل والترك مستحبا. وفي المقام ينطبق العنوان الراجح على نفس الفعل ، فموضوع الوجوب والاستحباب واحد ، ولا بد من التأكد ، وصيرورة الوجوب أكيدا ناشئا عن مصلحة أكيدة ، وإلّا لزم اجتماع الضدين ، فلا تتصف الصلاة في المسجد مثلا بالاستحباب إلّا على القول بالجواز ؛ إذ بناء عليه تكون الصلاة بعنوان الكون في المسجد الذي ينطبق عليها مستحبة شرعا ، وبعنوان الصلاتية واجبة ، فيتعدد موضوع الوجوب والاستحباب ، فيمتنع التأكد ؛ لعدم وحدة موضوع المصلحة الوجوبية والاستحبابية ، لأن التأكد فرع الاتحاد ، فإذا انتفى الاتحاد. هو الأصل. ينتفي التأكد وهو الفرع.
(٢) يعني : في اجتماع الوجوب والاستحباب كالصلاة في المسجد مثلا.
(٣) تقريب : لما عرفت من عدم جريان ما ذكر في القسم الأول في المقام.