وعاصيا من وجهين ، فإذا أمر المولى عبده بخياطة ثوب ونهاه عن الكون في مكان خاص كما مثل به الحاجبي والعضدي ، فلو خاطه في ذلك المكان عد مطيعا لأمر الخياطة وعاصيا للنهي عن الكون في ذلك المكان.
وفيه (١) ـ مضافا إلى المناقشة في المثال : بأنه ليس من باب الاجتماع ، ضرورة (٢): إن الكون المنهي عنه غير متحد مع الخياطة وجودا أصلا كما لا يخفى ـ المنع إلّا عن صدق أحدهما : إما الإطاعة بمعنى : الامتثال فيما غلب جانب الأمر ، أو العصيان فيما غلب جانب النهي ؛ لما عرفت من البرهان (٣) على الامتناع.
______________________________________________________
الخياطة وحرمتها ، فيجتمع فيها الأمر والنهي ؛ وإلّا لما صدق عليها إلّا إطاعة فقط ، أو عصيان كذلك ، ومثل بهذا صاحب المعالم «قده» من الخاصة ، والحاجبي والعضدي من العامة.
الجواب عنه
(١) قد أجاب المصنف عن الدليل المزبور بوجهين :
الوجه الأول : عدم كون مثال الخياطة مطابقا للممثل ؛ إذ يعتبر في مسألة اجتماع الأمر والنهي أن يكون العنوانان اللذان تعلق بهما الأمر والنهي متصادقين على المجمع ؛ بحيث يكون مصداقا لهما ، وهذا المثال ليس كذلك ، ضرورة : أن المنهي عنه. وهو الكون. من مقولة الأين ، والمأمور به. وهو الخياطة. من مقولة الفعل ، لأنها بمعناها المصدري ؛ «إدخال الخيط في الثوب وإخراجه عنه بواسطة الإبرة بكيفية خاصة» ، وتباين المقولتين وعدم اتحادهما من الأمور الضرورية كما في علم الميزان.
وكذا الحال : إذا أريد بالخياطة معنى اسم المصدر ، وهو الصفة الخاصة الحاصلة للثوب ، القائمة قيام العرض بالموضوع ، فلا تتحد مع الكون في المكان ؛ كي يكون اجتماع الأمر والنهي فيه برهانا على الجواز.
(٢) تعليل الخروج مثال الخياطة عن مسألة الاجتماع ، هذا تمام الكلام في الوجه الأول. وأما الوجه الثاني ـ والذي أشار إليه بقوله : «المنع ...» إلخ. : فحاصله ـ : بعد الغض عن الوجه الأول الراجع إلى المناقشة في المثال. عدم تسليم صدق الإطاعة والعصيان معا ؛ بل المسلم صدق أحدهما : إما الإطاعة بناء على ترجيح جانب الأمر ، وإما العصيان بناء على ترجيح جانب النهي ؛ لأنه مقتضى التضاد بين الأمر والنهي ، وعدم تعدد الجهة موجب لتعدد متعلق الأمر والنهي حتى يدفع لزوم اجتماع الضدين.
(٣) أي : البرهان على الامتناع هو التضاد بين الأمر والنهي.