ثم إنه ربما حكي عن بعض أهل النظر (١) من أهل العصر إشكال في الواجب المعلق ، وهو : أن الطلب والإيجاب ، إنما يكون بإزاء الإرادة المحركة للعضلات نحو المراد ؛ فكما لا تكاد تكون الإرادة منفكة عن المراد فليكن الإيجاب غير منفك عما يتعلق به ، فكيف يتعلق بأمر استقبالي؟ فلا يكاد يصح الطلب والبعث فعلا نحو أمر متأخر.
______________________________________________________
مقصوده من هذا التقسيم بيان الثمرة بين المعلق والمشروط المشهوري ، فعلى المشروط : لا يكون الوجوب حاليا عند المشهور ، فلا يمكن القول بوجوب الغسل غيريا قبل مجيء الغد ، وعلى المعلق : يكون وجوبه حاليا ، فيمكن القول حينئذ بوجوب الغسل قبل مجيء الغد ، وهذا لا إشكال فيه كما هو واضح.
وفي «منتهى الدراية ، ج ٢ ، ص ١٩٢» ما هذا لفظه : «لعله إشارة إلى : إن التقسيم إلى المعلق والمنجز لا يخلو من الثمرة ، وهي : إن المقدمة المعلق عليها غير واجبة في المعلق ؛ بخلاف المنجز فإنه يجب تحصيل جميع مقدماته ؛ لأن المفروض : كون الوجوب فيه فعليا».
بقي الكلام في الجهة الرابعة وهي : ما يرد على الواجب المعلق من الإشكالين الآخرين غير ما مر عن الشيخ والمصنف من الإشكال عليه ، والإشكال الأول من الإشكالين الباقيين ما أشار إليه بقوله : «ثم إنه ربما حكي عن أهل النظر من أهل العصر إشكال في الواجب المعلق».
والإشكال الثاني منهما ما أشار إليه بقوله الآتي : «وربما أشكل على المعلق أيضا» فانتظر.
(١) قيل : إن المراد من بعض أهل النظر هو المحقق النهاوندي صاحب «تشريح الأصول» وقيل : هو المحقق الشهير السيد محمد الأصفهاني ، وعلى كل حال فالمهم هو : بيان الإشكال على الواجب المعلق ، وتوضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : أن الإرادة التشريعية كالإرادة التكوينية في جميع الخصوصيات والآثار ، أي : في كونهما مشتركتين فيما تتوقف عليه الإرادة ؛ من العلم ، والتصديق بالغاية والميل ، وفيما يترتب على الإرادة من تحريك العضلات ، وحصول الفعل بعده ؛ وإنما الفرق بينهما : في أن الإرادة التشريعية تتعلق بفعل الغير ، والتكوينية تتعلق بفعل نفس الشخص ، فحينئذ كما أن الإرادة التكوينية يستحيل انفكاكها عن المراد ـ لأنها الشوق المؤكد المستتبع لتحريك العضلات ـ فكذلك يستحيل انفكاك الإرادة التشريعية عن المراد وهو طلب الفعل من الغير.