للعضلات نحو المراد ، وتوهم : أن تحريكها نحو المتأخر مما لا يكاد ، وقد غفل (١) عن أن كونه محرّكا نحوه يختلف حسب اختلافه ؛ في كونه مما لا مئونة له كحركة نفس العضلات ، أو مما له مئونة ومقدمات قليلة أو كثيرة ، فحركة العضلات تكون أعم من أن تكون بنفسها مقصودة أو مقدمة له ، والجامع إن يكون (٢) نحو المقصود.
بل مرادهم (٣) من هذا الوصف ـ في تعريف الإرادة ـ : بيان مرتبة الشوق الذي
______________________________________________________
وحاصل وجه غلطه وتوهمه هو : ظهور تعريف الإرادة بالشوق المؤكد المحرك للعضلات نحو المراد في امتناع انفكاك الإرادة عن المراد ، فيمتنع تحريك الإرادة نحو المتأخر عنها زمانا ؛ كالواجب المعلق ، حيث : إنه متأخر زمانا عن الوجوب.
(١) هذا الكلام من المصنف دفع لهذا التوهم ، وتوضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : أن المراد على قسمين :
الأول : ما يكون مرادا بالأصالة ؛ كشرب الماء الموجود.
الثاني : ما يكون مرادا بالتبع ؛ كبذل المال لشراء الماء ونقله إلى منزله ، ثم إلى إناء يعتاد شرب الماء منه ، فحركة العضلات ـ في المثال الأول ـ تكون مقصودة بالأصالة ، وفي المثال الثاني : مرادة بالتبع.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن الإرادة لا تنفك عن المراد في المثالين ؛ لأن المراد ليس منحصرا في المقصود الأصلي ـ كما عرفت في المقدمة ـ حتى يلزم انفكاكها عنه فيما إذا توقف المراد على مقدمات ، كالمثال الثاني.
(٢) أي : الجامع هو التحريك نحو المقصود ؛ سواء كان أصليا أو تبعيا ، والأول : فيما لم تكن هناك مقدمات. والثاني : فيما إذا احتاج المراد إلى مقدمات.
وعلى كلا التقديرين : لا يلزم انفكاك الإرادة عن المراد ، غاية الأمر : أن المراد في أحدهما : أصلي ، وفي الآخر : تبعيّ. هذا تمام الكلام في الوجه الأول من الجواب.
(٣) هذا هو الوجه الثاني من الجواب عن إشكال بعض أهل النظر على الواجب المعلق ، غرض المصنف منه هو : منع اعتبار التحريك الفعلي في تعريف الإرادة. وأن مقصودهم من توصيف الإرادة بذلك : بيان أن الإرادة مرتبة أكيدة من الشوق المحرك للعضلات نحو المراد.
وتوضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : أن الإرادة وإن كانت عبارة عن الشوق المؤكد المحرك للعضلات نحو المراد ؛ إلّا إن المراد من تحريك العضلات في تعريف الإرادة ليس هو التحريك الفعلي ؛ لإمكان تعلقها بأمر متأخر لا مقدمات له أصلا ، فلا حركة في