وكونه في الحال بحيث يجب على المكلف تحصيلها ، هو فعلية وجوب ذيها ، ولو كان أمرا استقباليا ، كالصوم في الغد والمناسك في الموسم ، كان وجوبه مشروطا بشرط موجود أخذ فيه ولو متأخرا ، أو مطلقا ، منجزا كان أو معلقا ، فيما إذا لم تكن مقدمة للوجوب أيضا ، أو مأخوذة في الواجب على نحو يستحيل أن تكون موردا للتكليف ، كما إذا أخذ عنوانا للمكلف كالمسافر والحاضر والمستطيع إلى غير ذلك.
أو جعل (١) الفعل المقيد باتفاق حصوله ، وتقدير وجوده ـ بلا اختيار أو باختياره ـ
______________________________________________________
(١) قوله : «أو جعل» عطف على قوله : «أخذ عنوانا» أي : المقدمة لا تكون واجبة إذا كانت موردا للتكليف ؛ من غير فرق بين كونها عنوانا للمكلف ، وبين كونها على نحو جعل الفعل المقيد باتفاق حصوله وتقدير وجوده ؛ سواء كان الحصول بلا اختيار للمكلف ، أو كان باختياره موردا للتكليف.
ومثال الأول : ما لو قال المولى لعبده : أوجبت عليك الصلاة عند دخول الوقت ، وأوجبت عليك الحج على تقدير حصول الاستطاعة بالإرث.
ومثال الثاني : إن سافرت فقصر ، وإن استطعت بالكسب فحج ؛ فإن فيهما جعل الفعل المقيد بحصول الشرط ـ بلا اختيار المكلف أو باختياره ـ موردا للتكليف ، بحيث لا تكليف بدونه.
فتحصل من عبارة المصنف : أنه لا تجب المقدمة الوجودية إلّا بشروط ثلاثة :
أحدها : عدم كون المعلق عليه قيدا للوجوب ـ كما أشار إليه بقوله : ـ «فيما إذا لم تكن مقدمة للوجوب أيضا» ، إذ لو كان قيدا للوجوب أيضا أي : كما كان قيدا للواجب لما وجب تحصيله كالاستطاعة مثلا ، حيث لا يجب تحصيلها للحج ؛ لإناطة الوجوب بها.
ثانيها : عدم كون المقدمة مأخوذة في الواجب على نحو يستحيل أن تكون موردا للتكليف ؛ كما إذا أخذت عنوانا للمكلف ؛ كالمسافر إذا كان القيد قيدا للموضوع ، كما إذا قال المولى : «إن سافرت فقصّر» ، ـ أو قال : «إن استطعت فحج» فلا يجب تحصيله ؛ لأن مثل هذه القيود مما أخذ عنوانا للموضوع يمتنع تعلق الوجوب بها ؛ لأن السفر مثلا وإن كان مقدمة وجودية لصلاة القصر ؛ إلّا إنه يمتنع ترشح التكليف عليه ، إذ المفروض : كون الموضوع كالعلة للحكم في توقف الحكم عليه ، فلا يتحقق التكليف إلّا عند تحققه ، فلا بد من وجوده في وجود الحكم ، ومع ذلك يمتنع ترشح الوجوب عليه لاستلزامه طلب الحاصل ؛ إذ قبل الموضوع لا حكم أصلا ، وبعد حصوله لا معنى لوجوب تحصيله لما عرفت من لزوم طلب الحاصل.