مورده ، بخلاف العكس ، وكلما دار الأمر بين تقييدين كذلك كان التقييد الذي لا يوجب بطلان الآخر أولى.
أما الصغرى (١) : فلأجل أنه لا يبقى مع تقييد الهيئة محل حاجة وبيان لإطلاق المادة ؛ لأنها (٢) لا محالة لا تنفك عن وجود قيد الهيئة ، بخلاف تقييد المادة ، فإن محل الحاجة إلى إطلاق الهيئة على حاله ، فيمكن الحكم بالوجوب على تقدير وجود القيد وعدمه.
______________________________________________________
الهيئة يوجب بطلان محل الإطلاق في المادة ، ويرتفع به» أي : يرتفع بتقييد الهيئة «مورده» أي : مورد إطلاق المادة ، «بخلاف العكس» أي : تقييد إطلاق المادة فإنه لا يوجب بطلان محل الإطلاق في الهيئة. «وكلما دار الأمر بين تقييدين كذلك» أي : أحدهما موجب لتقييدين ، والآخر موجب لتقييد واحد «كان التقييد الذي لا يوجب بطلان الآخر أولى» من التقييد الذي يوجب بطلان الآخر.
وأما توضيح ذلك فكريّا : فيتوقف على مقدمة وهي : الفرق بين تقييد إطلاق الهيئة وبين تقييد إطلاق المادة. وحاصل الفرق بينهما هو : أن تقييد إطلاق الهيئة موجب لتقييد إطلاق المادة أيضا ؛ لأنّ إطلاق الهيئة يبطل محل الإطلاق في المادة ، فإذا فرض مثلا تقييد وجوب إكرام زيد بمجيئه كان الواجب ـ وهو الإكرام ـ مقيدا بالمجيء أيضا ، لأن الإكرام حينئذ لا ينفك عن المجيء.
ففيه : ارتكاب خلاف ظاهرين ، هذا بخلاف تقييد إطلاق المادة ؛ فإن الهيئة تبقى على إطلاقها ؛ إذ التقدير ثبوت الوجوب من الآن للإكرام إلى المجيء ، فالوجوب ثابت للإكرام على تقديري المجيء وعدمه ، ففيه ارتكاب خلاف ظاهر واحد.
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول : إنه إذا دار الأمر بين ارتكاب خلاف ظاهرين ، وبين ارتكاب خلاف ظاهر واحد يقدم الثاني على الأول ، والمقام من هذا القبيل.
(١) أي : وهي قوله : أن تقييد الهيئة يوجب بطلان محل الإطلاق في المادة ، وقد تقدم تفصيل ذلك.
(٢) أي : المادة لا محالة لا تنفك عن وجود قيد الهيئة لما عرفت : من استلزام تقييد إطلاق الهيئة تقييد المادة ، بخلاف تقييد إطلاق المادة فإنه لا يستلزم تقييد اطلاق الهيئة كما عرفت.