ينتزعان من مطابقة المأتي به مع المأمور به وعدمها ، وأمّا الصّحة ـ بمعنى سقوط القضاء
______________________________________________________
الأوّلي ، ومن الأحكام الشرعية الوضعية أو الأحكام العقلية بالإضافة إلى الأمر الظاهري ، أو الواقعي الثانوي.
وأمّا كونهما من الأحكام العقلية بالنسبة إلى الأمر الواقعي الأوّلى : فلأن الصحة عند الفقيه بالنسبة إلى الأمر الواقعيّ الأولي إنّما هي من اللوازم العقلية المترتّبة على الإتيان بالمأمور به بالأمر الواقعي الأوّلي ، لأنّه بعد انطباق المأمور به على المأتي به يحكم العقل بسقوط الأمر ، فلا موجب للإعادة والقضاء بعد سقوطه بملاكه ، فليست الصحة أمرا انتزاعيا ، كما عن التقريرات حيث قال فيها : «إنّ الصحة والفساد وصفان اعتباريان ينتزعان من الموارد بعد ملاحظة العقل انطباق المورد لما هو المأمور به ، أو لما هو المجعول سبّبا وعدمه مطلقا سواء كان في العبادات أو في المعاملات ، سواء فسّرت الصحة بما فسّرها المتكلمون أو بما فسرها الفقهاء» انتهى.
وحاصل ما في التقريرات : أنّ الصحة والفساد سواء كانا في العبادات أو المعاملات سواء كانا بتفسير المتكلم أو بتفسير الفقيه هما وصفان انتزاعيان ، غاية الأمر : أنّه في العبادات ينتزعان من مطابقة المورد لما هو المأمور به ، وفي المعاملات من مطابقته لما هو المجعول سبّبا ، هذا في نظر الشيخ الأنصاري في التقريرات.
وأمّا المصنف : فقد فصّل في العبادات بين تفسيريّ المتكلم والفقيه ، فعلى تفسير المتكلم هما وصفان اعتباريان ينتزعان من مطابقة المأتي به لما هو المأمور به ، كما عرفت.
وأمّا على تفسير الفقيه أي : سقوط الإعادة والقضاء : ففي المأمور به الواقعي الأوّلي فهي لازم عقلي ، بمعنى أنّ العقل يحكم بأنه مسقط للإعادة والقضاء كما عرفت أيضا. وأمّا الصحة بالنسبة إلى الأمر الظاهري أو الواقعي الثانوي : فتتصوّر على وجهين :
أحدهما : أن تكون الصحة فيهما حكما وضعيا شرعيا ، بمعنى : أن الشرع يحكم بأنّه مسقط للقضاء والإعادة منّة منه على العباد ، وتخفيفا عنهم مع ثبوت المقتضى لهما لفوت الواقعي الأوّلي.
وبعبارة أخرى : كما إذا بقي من الملاك الداعي إلى الأمر الواقعي الأوّلي مقدار يقتضي تشريع وجوب الإعادة أو القضاء ، لكنّه تبارك وتعالى تخفيفا على العباد لم يشرّع وجوب شيء منهما واكتفى بالمأمور به بالأمر الثانوي أو الظاهري تفضّلا عليهم ، فالصحة حينئذ تكون حكما وضعيا شرعيا لا عقليا ولا انتزاعيا.
وثانيهما : أن تكون الصحة حكما عقليا ، كما إذا فرض وفاء المأمور به بالأمر الثانوي