وأمّا الصحة في المعاملات : فهي تكون مجعولة ، حيث كان ترتّب الأثر على معاملة إنّما هو بجعل الشارع ، وترتيبه عليها ولو إمضاء (١) ضرورة (٢) : أنّه لو لا جعله لما كان يترتب عليه لأصالة (٣) الفساد.
نعم (٤) ؛ صحة كل معاملة شخصية وفسادها ليس إلّا لأجل انطباقها مع ما هو المجعول سببا وعدمه ، كما هو (٥) الحال في التكليفية من الأحكام ، ضرورة : أن اتّصاف المأتي به بالوجوب أو الحرمة أو غيرهما (٦) ليس إلّا لانطباقه مع ما هو الواجب أو الحرام.
______________________________________________________
وضعيا أخرى إنّما هو في العبادات. أمّا الصحة في المعاملات فهي حكم وضعي شرعي ، فالملكية والزوجية والحرية وغيرها لا تترتب على المعاملة إلّا بجعل الشارع ولو إمضاء ، حيث إن غالب المعاملات أمور عرفية أمضاها الشارع ، فليست الصحة فيها حكما عقليا ولا أمرا انتزاعيا.
(١) قيد لجعل الشارع ، يعني : ولو كان الجعل بنحو الإمضاء لا التأسيس.
(٢) تعليل لكون الصحة مجعولا شرعيا. بيان ذلك : إن الصحة لو لم تكن حكما شرعيا لما ترتّب الأثر على المعاملة ؛ لأنّها بمقتضى أصالة الفساد محكومة بالفساد ، فلا يحكم بصحّتها إلّا بحكم الشارع الحاكم على أصالة الفساد.
(٣) تعليل لقوله : «لما كان يترتّب» ، والضمير في «عليه» يرجع إلى المعاملة ، فالأولى تأنيثه.
(٤) يعني : حال صحة كل فرد من أفراد كلّي المعاملة حال صحة كل فرد من أفراد العبادات في عدم كونها حكما مستقلا مجعولا ؛ بل هي لأجل انطباق الكلي على أفراده ، فالمجعول بالاستقلال هو صحة كلي المعاملة كالعبادة.
وصحة الأفراد الخارجية إنّما هي لأجل انطباق الكلي العبادي أو المعاملي عليها. فالمجعول هو الكلي دون الجزئي.
(٥) أي : كما أنّ انطباق الكلي على الفرد يوجب اتّصاف الأفعال الخارجية الّتي يأتي بها المكلف بالأحكام التكليفية من الوجوب والحرمة.
(٦) أي : كالكراهة والاستحباب والإباحة «ليس إلّا لانطباقه» أي : انطباق الفرد «مع ما» أي : الكلي الذي «هو الواجب أو الحرام».