بثبوتهما ، فيكون الصحة والفساد فيه حكمين مجعولين لا وصفين انتزاعيين (١).
نعم ؛ الصحة والفساد في الموارد الخاصة لا يكاد يكونان مجعولين ؛ بل إنّما هي تتصف بهما بمجرد الانطباق على ما هو المأمور به.
هذا (٢) في العبادات.
______________________________________________________
(١) أي : لفقدان منشأ انتزاعهما وهو المطابقة للمأمور به ؛ لأن المأمور به بالأمر الظاهري والاضطراري ليس مطابقا للمأمور به بالأمر الواقعي ، حتى تكون الصحة أمرا انتزاعيا.
وكان الكلام إلى هنا في الكليات ، بمعنى : أنه يحكم الشرع أو العقل بالصحة فيما لو توافق المأتي ـ بعنوانه الكلي ـ للمأمور به ، ويحكمان بالفساد في صورة عدم الموافقة ، أمّا شخص هذه الصلاة الخارجية الّتي هي فرد من أفراد المأتي به الكلي : فالمدار في صحتها وفسادها ما أشار إليه بقوله : «نعم الصحة والفساد في الموارد الخاصّة». فقوله : «نعم» استدراك على قوله : «فيكون الصحة والفساد فيه» أي : في غير الأوامر الواقعية ـ أعني : الأوامر الاضطرارية والظاهرية ـ «حكمين مجعولين».
وحاصل الاستدراك : أن ذلك إنّما يكون في الطبيعي المأمور به ، دون تطبيقاته وأفراده الّتي يؤتى بها في الخارج ؛ لأن انطباق الكلي على الأفراد قهري غير قابل للجعل ، فالصحة في الجزئيات الخارجية الّتي يوجدها المكلف تحصل بمجرّد هذا الانطباق ، فلا تتصف الموارد الجزئية بالصحة والفساد المجعولين بالاستقلال ، بل اتصافها بهما إنّما يكون بتبع اتصاف كلّيها بهما كما أشار إليه بقوله : «بل إنّما هي» أي : الموارد الخاصة التي تتصف بالصحة والفساد بمجرّد انطباق المأمور به عليها ، فإذا انطبق الكلي على الفرد الخارجي كان صحيحا ، ومتى لم ينطبق كان فاسدا ، ومن البديهي : أن انطباق الكلي على الفرد وعدمه ليس بمجعول شرعي ؛ بل هو أمر قهري ، واتصاف الموارد الشخصية بهما ليس أمرا مستقلا في قبال اتصاف الكلي.
وكيف كان ؛ فالمراد بالصحة والفساد في الموارد الجزئية هو انطباق المأمور به الكلي وعدمه عليها ، فلا يناط الصحة والفساد في الأفراد الخارجية بسقوط الإعادة والقضاء وثبوتهما ؛ لإمكان عدم وجوب الإعادة والقضاء كصلاة الجمعة في ضيق الوقت ؛ إذ ليست صحتها بمعنى إسقاط الإعادة والقضاء ، كما إن فسادها ليس بمعنى ثبوتهما ؛ وكذا كل مضيق لم يشرع له القضاء ، كصوم كل يوم غير صوم شهر رمضان. فالمراد بالصحة والفساد في الأفراد الخارجية هو انطباق المأمور به عليها وعدمه.
(٢) أي : ما ذكرنا من كون الصحة أمرا انتزاعيا أو لازما عقليا تارة. وحكما شرعيا