إلّا فيما كان عبادة كي تكون حرمته موجبة لفساده ، المستلزم لفساد المشروط به.
وبالجملة : لا يكاد يكون النهي عن الشرط موجبا لفساد العبادة المشروطة به ، لو لم يكن موجبا لفساده ؛ كما إذا كانت عبادة.
وأما القسم الرابع (١) : فالنهي عن الوصف اللازم مساوق للنهي عن موصوفه ، فيكون النهي عن الجهر في القراءة مثلا مساوقا للنهي عنها ؛ لاستحالة (٢) كون
______________________________________________________
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : إن النهي عن الشرط إذا كان من القسم الثاني لا يوجب فساده ـ فضلا عن فساد العبادة المشروطة به ـ لأن الشرط خارج عن المشروط ، وليس عبادة حتى يسري بطلانه إلى المشروط.
وكيف كان ؛ فالوجه في ذلك : أن الغرض من الشرط التوصلي يحصل بمجرّد إيجاده في الخارج ، وإن كان إيجاده في ضمن فعل محرّم شرعا نحو : تطهير البدن والثوب عن النجاسة بماء مغصوب ، فإذا طهّرهما به وصلّى فهي صحيحة تامّة لا إشكال فيها. هذا بخلاف ما إذا كان الشرط عباديا ؛ كالوضوء والغسل لأن النهي عنه موجبا لفساده ؛ لاستحالة التقرب بما هو مبغوض للمولى.
ومن البديهي : أن فساد الشرط العبادي يستلزم فساد العبادة المشروطة به ، فإذا توضأ بماء مغصوب وصلى كانت صلاته فاسدة ؛ لفساد شرطها المستلزم لفساد العبادة المشروطة به ، كما أشار إليه بقوله : «كما إذا كانت عبادة» يعني : كما إذا كان الشرط المنهي عنه عبادة فيفسد حينئذ ، ويسري فساده إلى العبادة المشروطة به وتأنيث ضمير «كانت» إنما هو باعتبار الخبر.
(١) أي : ما يتعلق النهي بالوصف الملازم للعبادة ، فالنهي عنه كالنهي عن العبادة.
توضيح ذلك : أن النهي عن الوصف الملازم المتحد وجودا مع العبادة ـ كالجهر بالقراءة في الظهرين ـ نهي عن العبادة لاتحاده معها ، وعدم المغايرة بينهما وجودا ؛ إذ ليس للوصف وجود مستقل بدون وجود موصوفه ، فالنهي عنه لا ينفك عن النهي عن الموصوف الذي هو عبادة بالفرض ، وعليه : فلا يعقل أن يكون أحدهما منهيا عنه والآخر مأمورا به ؛ لاستحالة كون شيء واحد مصداقا لهما ، فالنهي في هذا القسم يندرج في النهي عن جزء العبادة فيلحقه حكمه ، فالمنهي عنه حقيقة هو الموصوف ، كما أشار إليه بقوله : «فيكون النهي عن الجهر في القراءة مثلا مساوقا للنهي عنها» أي : عن نفس القراءة الجهرية.
(٢) تعليل لكون النهي عن الوصف الملازم المتحد مع الموصوف مساوقا للنهي عن الموصوف.