إنّما هو فيما إذا كان الواجب أهم من ترك المقدمة المحرّمة ، والمفروض هاهنا وإن كان
______________________________________________________
الوجوب على المقدمة وإن كانت محرمة إنّما هو مشروط بشروط ثلاثة :
١ ـ انحصار المقدمة في المقدمة المحرمة. ٢ ـ كون الواجب أهم. ٣ ـ عدم كون الانحصار بسوء الاختيار.
والخروج في محلّ البحث وإن كان واجدا للشرط الأوّل والثاني ، إلّا إنّه فاقد للشرط الثالث. فإن انتفى الشرط ينتفي المشروط ـ وهو وجوب الخروج ـ من باب المقدمة.
توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية». قوله : «إنّما هو فيما إذا كان الواجب» خبر لقوله : «وإطلاق الوجوب» ، ودفع للتوهم المزبور الذي تقدم تقريبه مع الجواب عنه.
قوله : «وإلّا لكانت الحرمة معلقة على إرادة المكلف» يعني : لو تغيّرت حرمة المقدمة وانقلبت المقدمة عن الحرمة إلى الوجوب حتى يقال بوجوب المقدمة في صورة الانحصار ولو بسوء الاختيار لكانت الحرمة معلّقة على إرادة المكلف ، والغرض من هذا الكلام : إقامة البرهان على عدم ارتفاع الحرمة عن المقدمة المنحصرة.
توضيح ذلك : أنّه يلزم من ارتفاع حرمة المقدمة محذوران لا يمكن الالتزام بهما :
المحذور الأول : تعليق حرمة المقدمة ووجوبها على إرادة المكلف واختياره ، ضرورة : أن الخروج لا يتصف بالحرمة إلّا مع إرادة عدم التصرف في المكان المغصوب دخولا وخروجا.
وأما مع إرادة الدخول فيه واختياره : فلا يكون الخروج حراما ؛ بل يتصف بالوجوب.
وكيف كان ؛ فالخروج مع اختيار الدخول في المغصوب يكون واجبا ، ومع اختيار عدمه يكون التصرّف فيه دخولا وخروجا حراما.
هذا ما أشار إليه بقوله : «وهو كما ترى» يعني : ما ذكر من تعليق الحرمة على إرادة عدم الدخول في المغصوب ممّا لا ينبغي التفوّه به ، لأنّ إرادة المكلف ليست من شرائط التكليف كما هو واضح.
وأمّا المحذور الثاني : فلأنّ تعليق الحكم بالحرمة أو الوجوب على الإرادة خلاف الفرض ـ كما أشار إليه بقوله : «مع إنه خلاف الفرض» ـ لأنّ المفروض : عدم حرمة الخروج لأجل المقدمية للتخلّص ؛ لا لإرادة الدخول ، فالخروج مع الغضّ عن مقدميته للتخلّص يكون حراما ، لأنّه من أفراد الغصب المحرم ، فإذا كان عدم حرمته لأجل إرادة عدم الدخول لم يتحقق الاضطرار إلى الحرام ؛ إذ لا حرام حتى يتحقق الاضطرار إليه. وهذا خلاف ما فرضناه من الاضطرار إلى الحرام بسوء الاختيار.