وإنّما يقتضي الفساد فيما إذا كان دالا على حرمة ما لا يكاد يحرم مع صحتها (١) ، مثل النهي عن أكل الثمن أو المثمن في بيع ، أو بيع شيء.
نعم (٢) ؛ لا يبعد دعوى ظهور النهي عن المعاملة في الإرشاد إلى فسادها ، كما أن
______________________________________________________
(١) أي : مع صحة المعاملة ، بمعنى : أن الشارع نهى عن شيء ، وكان ذلك بحيث يلزم من تحريمه فساد المعاملة ، ولا يعقل صحة المعاملة مع تحريم ذلك الشيء لأجل التلازم الواقع بين حرمته وفساد المعاملة ؛ إمّا تلازما حقيقيا أو تلازما عرفيا أو تلازما شرعيا. فالنهي حينئذ يدل على الفساد بضميمة ذلك التلازم المعلوم خارجا «مثل النهي عن أكل الثمن أو المثمن في بيع» كقولهم «عليهمالسلام» : «ثمن العذرة «سحت» (١) ، وقولهم : «عليهمالسلام» : «ما ثمن الجارية المغنّية إلّا كثمن الكلب» (٢) ، ونحو ذلك ، «أو» النهي عن «بيع شيء» كقوله : «عليهالسلام» : «لا تبع ما ليس عندك» (٣).
وكيف كان ؛ فالوجه في دلالة هذا القسم من النهي على الفساد أنّه لو كان بيع العذرة والجارية المغنّية والبيع الربوي صحيحا لكان ثمنه ملكا للبائع ومثمنه ملكا للمشتري ، للتلازم بين الصحة والمملوكية ويترتّب عليه جواز التصرف ، وحيث علم من النهي عدم جواز التصرف كشف عن فساد البيع.
فتحصل من جميع ذلك : إن النهي على خمسة أقسام :
١ ـ النهي عن السبب ، ٢ ـ النهي عن المسبّب ، ٣ ـ النهي عن جعل شيء خاص سببا لمسبّب خاص ، ٤ ـ النهي الدال على حرمة الثمن ، ٥ ـ النهي الدّال على حرمة المثمن.
والثلاثة الأولى لا تدل على الفساد ، والقسمان الأخيران يدلان على الفساد.
(٢) هذا استدراك على نفي الملازمة لغة وعرفا بين الحرمة والفساد في باب المعاملات إلّا فيما إذا كان النهي دالا على حرمة الثمن أو المثمن كما عرفت. وحاصله : إنّه لا يبعد دعوى كون النهي عن المعاملة ظاهرا في الإرشاد إلى فسادها ، لنقص شرط أو خبر ، أو
__________________
(١) التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٧٢ ، ح ٢٠١.
(٢) الكافي ، ج ٥ ، ص ١٢٠ ، ح ٤ / التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٥٧ ، ح ١٤٠ / الاستبصار ، ج ٣ ، ص ٦١ ، ح ٢.
(٣) الرواية في التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٣٢ ، ح ٢٥ هكذا : عن سليمان بن صالح ، عن أبي عبد الله «عليهالسلام» قال : «نهى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» عن سلف ، وعن بيعين في بيع ، وعن بيع ما ليس عندك ، وعن ربح ما لم يضمن».
وكذلك في الفقيه ، ج ٤ ، ص ٣ ، ح ٤٩٦٨ عن الحسين بن زيد في حديث المناهي الطويل.