ولا يخفى (١) : أنّ الظاهر أن يكون المراد بالمعصية المنفية هاهنا : أنّ النكاح ليس ممّا لم يمضه الله ولم يشرعه كي يقع فاسدا ، ومن المعلوم : استتباع المعصية بهذا المعنى للفساد كما لا يخفى.
______________________________________________________
(١) أي : لا يخفى أن الاستدلال بنحو هذه الرواية للمطلب فاسد صغرى وكبرى ، أما صغرى : فلعدم دلالة هذه الرواية على المدعى ، وهو دلالة النهي على الفساد لأجل الملازمة بين الحرمة والفساد ، والفساد في مورد الرواية ليس لأجل نهي الشارع عن النكاح ؛ بل لأجل عدم إمضائه وعدم تشريعه. واستتباع العصيان بمعنى : عدم الإمضاء والتشريع للفساد ، والبطلان يكون من البديهيات ، ولا ربط له بالعصيان المبحوث عنه وهو إتيان ما نهى عنه الشارع من المعاملة.
وأما كبرى : فلأنه ـ مع فرض الدلالة ـ لا يثبت بمثل هذه الموارد الجزئية كبرى كلية في جميع أبواب العقود والإيقاعات وسائر التوصليات ؛ على تلازم النهي والفساد شرعا.
وحاصل الجواب عن الاستدلال بالرواية : أن المعصية ـ وهي مخالفة الحرمة الّتي هي المقصودة في المقام ـ أجنبيّة عن المعصية المرادة من هذه الروايات ، توضيحه : يتوقف على مقدمة وهي : أنّ المعصية على قسمين :
الأول : المعصية التابعة لعدم إمضاء الشارع وعدم إجازته ، مثلا : لو لم يجز الله تعالى ولم يمض جعل العقد المعلق على شرط سببا لحلية الفرج ، ثم جعل شخص ذلك العقد سببا للحلية كان عاصيا له تعالى.
الثاني : المعصية التابعة للنهي ، مثلا : لو نهى الله تعالى عن المعاملة الربوية ، ثم عامل شخص بهذه المعاملة كان عاصيا له تعالى.
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول : إنّه ليس المراد بالمعصية في الجملتين الموجبة والسالبة ـ وهما قوله «عليهالسلام» : «إنه لم يعص الله وإنّما عصى سيّده» ـ مخالفة الحرمة التكليفية حتى يصحّ الاستدلال به ويقال بدلالة النهي على الفساد ؛ إذ لو كان المراد بها الحرمة التكليفية لم يستقم معنى الحديث ؛ إذ لا إشكال في كون مخالفة السيّد عصيانا له «تبارك وتعالى» ؛ ضرورة : وجوب إطاعة العبد للمولى شرعا ، فهو حكم إلهي ، فمخالفته مخالفة لله تعالى وعصيان له ، مع إنّ الإمام «عليهالسلام» قال : «لم يعص الله» ، فنفي المعصية عن مخالفته لسيّده قرينة على ما ذكرنا من عدم كون المراد بالمعصية مخالفة الحرمة التكليفية ، وعلى إن العبد لم يرتكب حراما. وذلك أن ما صدر منه لم يكن مما لم يمضه الشارع ولم يشرعه ، كتزويج المحارم أو التزويج في العدة ؛ بل كان مما أمضاه وأجازه.