إلّا ترك الدخول ، فمن لم يشرب الخمر لعدم وقوعه في المهلكة الّتي يعالجها به مثلا لم يصدق عليه إلّا إنّه لم يقع في المهلكة ، لا إنّه ما شرب الخمر فيها إلّا على نحو السالبة المنتفية بانتفاء الموضوع ، كما لا يخفى.
وبالجملة : لا يكون الخروج ـ بملاحظة كونه مصداقا للتخلّص (١) عن الحرام أو سببا له ـ إلّا مطلوبا ، ويستحيل أن يتصف بغير المحبوبية ويحكم عليه بغير المطلوبية.
______________________________________________________
مقدورا بواسطة القدرة على ترك الدخول ، ومن المعلوم : أن المقدور بالواسطة مقدور ، فلا يصغى إلى ما ذكر من عدم كون ترك الخروج قبل الدخول مقدورا فلا يصير قبل الدخول موضوعا للحكم بالحرمة ؛ بل يكون مقدورا فيكون موضوعا للحكم بالحرمة.
وقد أشار إلى جواب هذا التوهم بقوله : «وترك الخروج بترك الدخول رأسا ليس في الحقيقة إلّا ترك الدخول».
وحاصل الدفع : أنّ المقدور الذي يصحّ تعلق التكليف به : ما تكون القدرة على وجوده وعدمه على حد سواء ، ومن المعلوم : أن الخروج قبل الدخول غير مقدور ، فكذا ترك الخروج ، فترك الخروج بدون الدخول لا يصدق إلا على نحو السالبة بانتفاء الموضوع ، والصدق الحقيقي منوط بالدخول ، فإذا دخل المكان المغصوب ولم يخرج منه يصدق عليه أنّه ترك الخروج ، نظير مثال شرب الخمر بدون المرض المهلك ؛ إذ لا يصدق على من لم يشرب الخمر أنه لم يشرب الخمر لأجل النجاة عن الهلاك إلّا على نحو السالبة المنتفية بانتفاء الموضوع ، كما أشار إليه بقوله : «لم يصدق عليه إلّا إنه لم يقع في المهلكة» ، ولا يصدق عليه أنه لم يشرب الخمر في التهلكة ؛ بل يصدق عليه أنه لم يقع في التهلكة.
وكيف كان ؛ فالخروج قبل الدخول غير مقدور ، فلا يجب فعله ولا يحرم تركه.
(١) فيكون الخروج حينئذ واجبا نفسيا لأنّه مصداق للتخلّص من الحرام الواجب بالوجوب النفسي ، إلّا إنّه مجرد فرض إذ لم يقل أحد بأن الخروج مصداق للتخلّص ؛ بل هو مصداق للغصب ، فالخروج سبب وعلّة للتخلّص لا نفسه كما أشار إليه بقوله : «أو سببا له» أي : للتخلّص ؛ فيكون الخروج حينئذ واجبا غيريا.
وكيف كان ؛ فكان الخروج مطلوبا إمّا لكونه مصداقا للتخلّص أو سببا له ، وعلى كلا التقديرين : يستحيل أن يتصف بغير المحبوبية ، فيمتنع اتصافه بالحرمة والمبغوضية ، هذا ما تقدم من الشيخ الأنصاري من أن الخروج ليس بحرام في حال من الحالات.