التخلّص عن التصرّف الحرام فهو ليس بحرام في حال من الحالات ؛ بل حاله حال مثل شرب الخمر المتوقف عليه النجاة من الهلاك في الاتصاف بالوجوب في جميع الأوقات.
ومنه (١) : ظهر المنع عن كون جميع أنحاء التصرّف في أرض الغير مثلا حراما قبل الدخول ، وأنّه يتمكّن من ترك الجميع حتى الخروج ؛ وذلك (٢) لأنّه لو لم يدخل لما كان متمكّنا من الخروج وتركه ، وترك (٣) الخروج بترك الدخول رأسا ليس في الحقيقة
______________________________________________________
ترتب عليه عنوان حسن كترتّب التخلّص عن الغصب على الخروج ، فالخروج التخلّصي لم يكن بحرام في زمان ؛ بل واجب ، فلا مجال لأن يقال إنّه كان حراما قبل الدخول وقد عصى به ، فيجري عليه حكم المعصية.
الوجه الثاني : أنّ التصرّف الخروجي لكونه مقدمة للواجب ـ وهو التخلّص عن الحرام ـ لا يتصف بالحرمة في حال من الحالات ، نظير شرب الخمر ، فإنّه حلال مع توقف النجاة من الهلاك عليه ، ولا يتصف بالحرمة أصلا ، فعليه لا وجه لحرمة جميع التصرّفات من الدخولية والبقائية والخروجية ؛ بدعوى : أنّ المكلف قبل الدخول كان متمكّنا من جميع هذه التصرّفات ، فهي بأسرها محرمة وذلك لما عرفت من عدم حرمة الخروج أصلا ، فيكون مأمورا به فقط من دون أن يجري حكم المعصية عليه.
(١) أي : ومن منع حرمة التصرّف الخروجي : ظهر المنع عن حرمة جميع التصرّفات بتوهّم : أنّ الغاصب قادر على ترك الخروج ولو بواسطة ترك الدخول ، فلا بدّ من أن يكون الخروج حراما أيضا.
أما وجه ظهور المنع : فلأنّه قد عرفت آنفا : أنّ المحرم من التصرّفات في المغصوب هو التصرّف الدخولي والبقائي ، وأمّا التصرّف الخروجي فهو خارج عن حيّز الحرمة لكونه مثل شرب الخمر المتوقف عليه النجاة من الهلاك.
(٢) بيان لظهور المنع وحاصله : ـ على ما في «منتهى الدارية ، ج ٣ ، ص ١٥٨» ـ أنّ القدرة شرط التكليف ، والخروج فعلا وتركا قبل الدخول غير مقدور ، فترك الخروج قبل الدخول لا يصدق عليه إلا ترك الدخول ، فلا يصدق عرفا ترك الخروج على من لم يدخل إلّا بنحو السالبة بانتفاء الموضوع.
وعليه : فلا يكون ترك الخروج حقيقة مقدورا له ، فلا يصير قبل الدخول موضوعا للحكم بالحرمة.
(٣) قوله : «وترك الخروج ...» إلخ إشارة إلى توهم كون ترك الخروج قبل الدخول