فتلخص (١) بما ذكرناه : أنه لم ينهض دليل على وضع مثل «إن» على تلك الخصوصية المستتبعة للانتفاء عند الانتفاء ، ولم تقم عليها قرينة عامة. أما قيامها أحيانا كانت مقدمات الحكمة أو غيرها مما لا يكاد ينكر ، فلا يجدي القائل بالمفهوم أنه قضية الإطلاق في مقام من باب الاتفاق.
وأما توهم (٢) : أنه قضية إطلاق الشرط ، بتقريب : أن مقتضاه تعينه ، كما أن مقتضى إطلاق الأمر تعين الوجوب.
______________________________________________________
(١) أي : فتلخص مما ذكرناه من ردّ أدلة إثبات المفهوم للجملة الشرطية : أنه لم يقم دليل متين على وضع أدوات الشرط مثل : «إن» و «لو» الشرطيتين وغيرهما للخصوصية المستلزمة لانتفاء الجزاء عند انتفاء الشرط ، إذ هي وضعت لمطلق السببية واللزوم ، لا لخصوص السببية المنحصرة ، ولم تقم على العلة المنحصرة قرينة عامة ومقدمات الحكمة والانصراف من إطلاقها إلى الفرد الكامل وهو ترتب الجزاء على الشرط ، على نحو الترتب على العلة المنحصرة منتف جدا.
أما قيام القرينة العامة أحيانا سواء كانت مقدمات الحكمة أم غيرها كالانصراف : وإن كان غير قابل للإنكار ، ولكنه لا يجدي في إثبات المفهوم في جميع القضايا الشرطية كما هو المدعى ، لأن المثبت للمفهوم كذلك إما وضع أدوات الشرط للعلة المنحصرة المستتبعة للمفهوم ، وإما القرينة العامة بأنحائها ـ الثلاثة من الانصراف ، والإطلاق الناشئ من جريان مقدمات الحكمة في نفس أدوات الشرط ، وإن كانت موضوعة لمطلق الربط بين الشرط والجزاء ، والإطلاق الجاري في حالات الشرط ـ فهي غير موجودة في جميع الموارد ، ووجودها في بعض الموارد غير مفيد لإثبات ما هو المقصود في المقام.
والمتحصل : أن قيام القرينة العامة النادرة أحيانا في بعض الموارد لا ينفع بحال القائل بالمفهوم في جميع موارد استعمال الجملة الشرطية ، لأنه من الأصولي ، والأصولي يبحث عن المسائل الأصولية على نحو الكلي الجاري في جميع الموارد.
(٢) أي : هذا أيضا تمسك بإطلاق الشرط لإثبات تعينه في العلية والتأثير ، ونفي العدل عنه كما أشار إليه بقوله : «أن مقتضاه تعينه» أي : مقتضى الإطلاق تعين الشرط في التأثير ، ولازم تعينه هو الانتفاء عند الانتفاء ، فالتمسك بإطلاق الشرط لإثبات تعينه في التأثير ونفي العدل نظير التمسك بإطلاق صيغة الأمر لإثبات الوجوب التعييني ونفي العدل عنه.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : أن الإطلاق في المقام يمكن أن يكون نافيا للانضمام الذي يقتضيه العطف بالواو ، ويعبر عنه بالإطلاق الواوي أي : لو كان شيء