وعلى الثاني : بأن ارتفاع مطلق الوجوب فيه من فوائد العلّية المستفادة من الجملة الشرطية ، حيث كان ارتفاع شخص الوجوب ليس مستندا إلى ارتفاع العلة المأخوذة فيها ، فإنه (١) يرتفع ولو لم يوجد في حيال أداة الشرط كما في اللقب والوصف.
وأورد (٢) على ما تفصّي به عن الإشكال بما ربما يرجع إلى ما ذكرناه بما حاصله :
______________________________________________________
(١) أي : شخص الوجوب ، وهذا تعليل لقوله : «ليس مستندا ...» إلخ ومعنى العبارة : أن ارتفاع شخص الوجوب بارتفاع موضوعه لا يختص بالقضية الشرطية ، بل يكون في غيرها كالقضية اللقبية والوصفية ، مع عدم كون ارتفاع شخص الحكم فيها من المفهوم ، فلا بد أن يكون للشرط خصوصية تستتبع المفهوم ، وليست تلك الخصوصية إلا دلالة أداة الشرط على انحصار العلية في مدخولها.
(٢) يعني : أورد صاحب التقريرات (١) على ما أجيب به عن الإشكال المتقدم في قوله : ـ «إشكال ودفع» ـ بجواب يرجع إلى ما أجاب به المصنف من عدم الفرق بين الوجوب في الكلام الخبري والإنشائي من حيث كلية المعنى بمعنى : أنه كما أن الوجوب في الكلام الخبري كلي فكذلك في الكلام الإنشائي. وكما أن قصد خصوص الحكاية عن تحقق المعنى الخبري في الخارج يكون من خصوصيات الاستعمال ؛ فكذلك قصد خصوص إيجاد معنى الكلام الإنشائي في الخارج يكون من خصوصيات الاستعمال وأطواره ، وقد أورد على هذا الجواب صاحب التقريرات بما حاصله : من إنه لا حاجة إلى هذا التكلف والتعسف ، بل الصواب في المقام ما ذكرناه في الجواب من : أن الوجوب في الكلام الإنشائي وإن كان جزئيا إلا إن انتفاء الوجوب الكلي عند انتفاء الشرط من نتائج انحصار علة سنخ الحكم الثابت في الجزاء في الشرط ، هذا مضافا إلى أنه لا دليل على كون الموضوع له في الإنشاء عاما كليا ، بل قام الدليل على خلافه ، حيث إن الخصوصيات من حيث هي هي مستفادة من ألفاظ الإنشاء ، إذ الغرض منه : إيجاد المنشأ في الخارج بصيغة الأمر ، فلا يستفاد الوجوب الكلي من صيغة الأمر ؛ لأن الشيء الموجود في الخارج جزئي وليس بكلي ، هذا غاية ما يمكن أن يقال في تقريب إيراد صاحب التقريرات على ما تفصي به عن الإشكال.
وقد قال في التقريرات ـ بعد ذكر الإشكال المتقدم ـ ما هذا لفظه : «وقد يذب عنه : بأن الوجوب المنشأ في المنطوق هو الوجوب مطلقا من حيث كون اللفظ موضوعا له بالوضع العام واختصاصه وشخصيته من فعل الآمر ، كما أن شخصية الفعل المتعلق
__________________
(١) مطارح الأنظار ، ج ٢ ، ص ٣٨.