الإشكال من التفرقة بين الوجوب الإخباري والإنشائي بأنه كلي في الأول وخاص في الثاني ، حيث دفع الإشكال (١) بأنه لا يتوجه في الأول (٢) : لكون الوجوب كليا ،
______________________________________________________
بالإخبار ، كقولك : «إن جاءك زيد وجب إكرامه» فلا يرد عليه إشكال ، لكون الوجوب فيه كليا ، فيكون الحكم المعلق على الشرط كليا لا شخصيا ، حيث إن المادة قد استعملت في معناها الكلي. وإن كان بالإنشاء ، كما في قولك : «إن جاءك زيد فأكرمه» فالحكم المعلق على الشرط ـ كوجوب إكرام زيد ـ وإن كان جزئيا لكونه معنى الهيئة الذي يكون معنى حرفيا ، لأنها موضوعة لإنشاء النسبة الطلبية بين المادة ـ كالإكرام ـ والمخاطب ، والنسبة قائمة بالطرفين فهي معنى حرفي إلا إن المنفي هو سنخ الحكم بانتفاء الشرط على القول بالمفهوم ، لأن أداة الشرط مثل كلمة «إن» تدل على انحصار علة سنخ الحكم وطبيعته بالشرط المذكور في المنطوق ، وإن كان الحكم المذكور فيه فردا من أفراد طبيعة الحكم ، فأداة الشرط قرينة على انحصار علية الشرط لسنخ الحكم لا لشخصه.
والوجه في قرينيّة الشرط على ذلك : أنه لو كان الحكم جزئيا لا كليا ، كان انتفاؤه بانتفاء الشرط عقليا وأجنبيا عن باب المفهوم ، وإلا كان للقضية اللقبية أيضا مفهوم ، لانتفاء شخص الحكم فيها بانتفاء موضوعه وهو باطل بالضرورة ؛ لما عرفت من : أن انتفاء شخص الحكم في كل قضية بانتفاء موضوعه عقلي وأجنبي عن المفهوم.
فالنتيجة هي : دلالة القضية الشرطية على المفهوم مطلقا أي : سواء كان الحكم المذكور في المنطوق بلسان الإخبار أم الإنشاء.
(١) حق العبارة أن تكون هكذا : «حيث دفع الإشكال على الأول : بكون الوجوب كليا ، وعلى الثاني : بأن ارتفاع مطلق الوجوب في الوجوب الإنشائي من فوائد العلية المستفادة من الجملة الشرطية» ، كما في «منتهى الدراية ، ج ٣ ، ص ٣٥٠».
هذا تمام الكلام فيما أفاده في التقريرات في الجواب عن الإشكال ، وأما وجه فساد هذا الجواب ظهر مما ذكره المصنف من أنه لا فرق بين المعنى الحرفي والمعنى الاسمي في الكلية ، وإنما الجزئية فيهما تكون من ناحية الاستعمال لا دخل لها في الموضوع له.
(٢) الأولى تبديل «في» ب «على» حتى يكون مع قوله «وعلى الثاني» على نسق واحد ، والمراد من الأول : هو الوجوب الإخباري ، قوله : «لكون الوجوب كليا» علة لعدم توجه الإشكال عليه ، فحاصل دفع الإشكال على الأول : بكون الوجوب كليا. وعلى الثاني : بأن ارتفاع مطلق الوجوب في الوجوب الإنشائي من فوائد العلية المستفادة من الجملة الشرطية ، فتدل القضية الشرطية على المفهوم على كلا التقديرين ، فيرتفع الإشكال من البين.