فلا بد من المصير إلى أن الشرط في الحقيقة واحد وهو المشترك بين الشرطين بعد البناء على رفع اليد عن المفهوم ، وبقاء إطلاق الشرط في كل منهما على حاله ، وإن كان بناء العرف والأذهان العامية على تعدد الشرط وتأثير كل شرط بعنوانه الخاص ، فافهم (١).
______________________________________________________
آنفا ، وبين القول بثبوت المفهوم لها ، لكون الشرط هو الجامع بين الشرطين للقاعدة العقلية وهي عدم صدور الواحد عن الاثنين ، برفع اليد عن المفهوم ، وبقاء إطلاق الشرط في كل من الشرطين على حاله ، فيقال في المثال المذكور : بوجوب القصر عند خفاء الأذان مطلقا وإن لم يخف الجدران ، وبالعكس ، فالمراد بإطلاق الشرط : كون كل من الشرطين تمام السبب لا جزؤه. انتهى هذا عين ما في «حقائق الأصول» ج ١ ، ص ٤٦١ «للسيد محسن الحكيم قدسسره».
ولكن ما في «حقائق الأصول» إنما يتم مع بقاء إطلاق الشرط بحيث يؤثر كل بسبب وجود الجامع في ضمنه ، حتى لا ينافي القاعدة العقلية ، ويستقيم كلام المصنف ، «فلا بد من المصير ..» إلخ ، لأن مقتضى القاعدة العقلية هو : أن الشرط في الحقيقة واحد وهو الجامع بين الشرطين ، وأن المؤثر في ترتب الجزاء هو هذا الجامع لا كل شرط بخصوصه وعنوانه الخاص.
(١) لعله إشارة إلى عدم تمامية القاعدة العقلية وهي «عدم صدور الواحد إلا من الواحد» كما ذكر في محله ، لأن تلك القاعدة العقلية لو تمت فهي مختصة بالعلل الطبيعية في التكوينيّات ، فلا تجري في الأحكام التي هي من الاعتباريات ، وعلى فرض عدم اختصاصها بالتكوينيات فهي لا تجري في المقام ، لأن المراد بالواحد في موردها ـ أصلا وعكسا ـ هو الواحد الشخصي ، والواحد في المقام هو الواحد النوعي ، إذ المفروض : كون سنخ الخفاء في المنطوق مرادا ، كما أن سنخ الوجوب مراد في ناحية الجزاء ، وعلى طبيعة الحال يصدر الواحد النوعي من المتعدد ، كما يصدر المتعدد من الواحد النوعي ، والأول : كضياء البيت فإنه يتولد من نور القمر والكهرباء والمصباح ، والثاني : كتولد نمو الإنسان والشاة والنبات من الحرارة ، سواء كانت من الشمس أو الرحم أو غيرهما ، فيصح في المقام أن يكون وجوب القصر مستندا إلى الشرطين.
والمتحصل من الجميع : أنه قد رجح المصنف الوجه الثاني بلحاظ النظر العرفي فقال : إن العرف يساعد على الوجه الثاني ، ورجح الوجه الرابع بحسب النظر الدقي العقلي ، فذهب إلى أن العقل يعيّنه لاستحالة تأثير المتعدد بما هو متعدد في واحد ، فوحدة الجزاء تكشف عن وحدة المؤثر ، وهو يقتضي أن يكون المؤثر هو الجامع بين الشرطين.