على ما هو عليه من الحرمة ، وإن كان العقل يلزمه إرشادا إلى ما هو أهم وأولى بالرعاية من تركه ؛ لكون الغرض فيه أعظم ، فمن (١) ترك الاقتحام فيما يؤدّي إلى
______________________________________________________
شرب الخمر أو الخروج من المكان المغصوب باقية على حالها ، فإنّ حكم العقل بلزوم اختيارهما إنما هو من باب الإرشاد إلى الأخذ بأقل المحذورين فلا منافاة بين حرمته ومبغوضيّته ، وبين حكم العقل بلزوم اختياره من باب اختيار أقلّ المحذورين.
وحاصل الكلام في المقام : أنّ الشرب يكون حراما «وإن كان العقل يلزمه» بالشرب في صورة سوء الاختيار أيضا «إرشادا إلى ما هو أهمّ» أعني : حفظ النفس ، «وأولى بالرعاية من تركه» أي : ترك الشرب ، فإنّ المكلّف بعد سوء الاختيار وإيقاع نفسه في المهلكة يتردّد بين حرامين : ترك الشرب المؤدي إلى الهلكة المحرّمة ، والشرب المحرم الموجب لعدم الهلكة ، والعقل يلزمه بالشرب إبقاء على حفظ النفس لكون الغرض فيه أعظم. فقوله : «لكون الغرض فيه أعظم» تعليل للأهميّة والأولوية.
(١) هذا إشارة إلى جواب ما ذكره الشيخ الأعظم «قدسسره» بقوله : «فمن لم يشرب الخمر ... إلخ». وهذا ما ذكره الشيخ «قدسسره» مؤيّدا لعدم كون الخروج مقدورا للمكلف من دون الدخول ، وحاصله : أن الخروج قبل الدخول غير مقدور ، فكذا ترك الخروج ، فصدق ترك الخروج بدون الدخول ليس إلّا من باب السالبة بانتفاء الموضوع ؛ نظير صدق ترك شرب الخمر بدون المرض حيث إنّه لا يصدق أنّه لم يشرب الخمر في التهلكة إلّا بنحو السالبة بانتفاء الموضوع.
وحاصل جواب المصنف عنه : أنّ «من ترك الاقتحام فيما يؤدّي إلى هلاك النفس ، أو شرب الخمر لئلّا يقع في أشدّ المحذورين منهما ، فيصدق أنّه تركهما». يعني : ما ذكره الشيخ «قدسسره» سابقا من عدم صدق «ما شرب» على من لم يقع في المهلكة غير تام ، لبداهة : أنّه إذا ترك الشخص المهلكة بأن لم يعرض نفسه للهلاك يصدق عليه أنّه تارك للهلاك ، أو تارك لشرب الخمر ، لأنّ شرب الخمر مقدور له نظير الفعل التوليدي.
فكما أنّ ترك الإحراق ـ في الفعل التوليدي ـ مقدور بواسطة ترك الإلقاء في النار. كذلك ترك الشرب الناجي مقدور بواسطة القدرة على ترك إلقاء النفس في المرض الذي لا يعالج إلا بشرب الخمر : وكما يصدق على تارك الإلقاء في النار أنّه تارك الإحراق ؛ كذلك يصدق على تارك حفظ النفس أنّه تارك الشرب الناجي ، وأنّه لم يشرب الخمر.
فليس السلب بانتفاء الموضوع ـ كما زعم الشيخ «قدسسره» ـ إذ ليس إيقاع النفس في المهلكة موضوع الشرب ؛ بل مقدمة له.
والمتحصل : أن ترك شرب الخمر يصدق مع عدم التعريض أصلا كما يصدق مع