ضرورة (١) : ضعف احتجاجه.
أولا : بكون المراد من مثله (٢) : أنه لا تكون الصلاة التي كانت واجدة لأجزائها وشرائطها المعتبرة فيها صلاة إلا إذا كانت واجدة للطهارة (٣) وبدونها لا تكون صلاة على وجه (٤) ، وصلاة تامة مأمورا بها على آخر (٥).
وثانيا (٦) : بأن الاستعمال مع القرينة ، كما في مثل التركيب ، مما علم فيه
______________________________________________________
هو : نفي الصلاتية عما هو واجد لجميع ما يعتبر في الصلاة إلا الطهور ، والمفهوم : إثبات الصلاتية لواجد جميع الأجزاء والشرائط حتى الطهور ، فالحكم بعدم الصلاتية مختص بالمستثنى منه وهو الواجد لجميع الأجزاء والشرائط إلا الطهور ، ومنفي عن المستثنى وهو الجامع لجميع الأجزاء والشرائط حتى الطهور ، فدلالة مثل : «لا صلاة إلا بطهور» على اختصاص الحكم ـ أعني : عدم الصلاتية ـ بالمستثنى منه وانتفائه عن المستثنى واضحة.
(١) تعليل لقوله : «فلا يعبأ» يعني : بعد ما ثبت بالتبادر دلالة الاستثناء على اختصاص الحكم بالمستثنى منه ، فلا يعتنى بما عن أبي حنيفة ؛ من إنكاره هذه الدلالة. وقد تقدم توضيح استدلاله على إنكار مفهوم الاستثناء.
(٢) أي : مثله من التراكيب على اعتبار شيء شطرا أو شرطا في الصلاة كقوله «عليه وآله السلام» : «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب» مثلا.
(٣) والشاهد على كون المراد هذا المعنى : أن قوله : «عليه وآله السلام» «لا صلاة إلا بطهور» قد ورد في مقام جعل الطهارة شرطا للصلاة ، ومن المعلوم : أن الصلاة التي جعلت الطهارة شرطا لها هي خصوص التامّة لا غير.
(٤) يعني : على القول بوضع ألفاظ العبادات للصحيح : فلا تكون فاقدة للطهارة صلاة.
(٥) وهو القول بوضع ألفاظ العبادات للأعم.
فالصلاة بدون الطهارة إما لا تكون صلاة ، وإما لا تكون مأمورا بها.
(٦) هذا هو الوجه الثاني من الوجهين اللذين أجاب بهما عن استدلال أبي حنيفة ، وحاصل هذا الوجه : أنه إذا ثبت بسبب القرينة عدم دلالة الاستثناء على اختصاص الحكم بالمستثنى منه ، وانتفائه عن المستثنى ، لما كان ذلك قادحا في وضع أداة الاستثناء للدلالة على الاختصاص المزبور ؛ لما تقرر في محله من : إنه لا يقدح الاستعمال في المعنى المجازي مع القرينة في ظهور اللفظ في معناه الحقيقي بدون القرينة.
وخلاصة الكلام في المقام : أن عدم دلالة الاستثناء على اختصاص الحكم بالمستثنى منه لا يقدح في الدلالة على الاختصاص بلا قرينة.