إلا فيما اقتضاه المقام ، لأن الأصل في اللام أن تكون لتعريف الجنس ، كما أن الأصل في الحمل في القضايا المتعارفة هو : الحمل المتعارف الذي ملاكه مجرد الاتحاد في الوجود ، فإنه (١) الشائع فيها ؛ لا الحمل الذاتي الذي ملاكه الاتحاد بحسب المفهوم
______________________________________________________
لو لم ينحصر المساوي في المساوي لم يتحقق التساوي بينهما هذا خلف ، وهكذا لا ينفك العام عن الخاص في فرض كون المسند إليه أخص من المسند ، وهكذا لا يصح حصر العام في الخاص في الفرض الثالث ؛ وإلا يلزم أن لا يكون العام عاما وهو خلف. هذا كله مع العلم بالنسبة ، فمحل الكلام : فيما إذا كان المسند إليه أعم مطلقا أو من وجه ، مع عدم العلم بالأعمية مصداقا. فيقع الكلام في أنه هل يستكشف منه أنه لا فرد له غير المسند أم لا؟
٣ ـ أن ظاهر الحمل هو الشائع لا الحمل الذاتي ؛ إلّا إن تقوم قرينة عليه.
إذا عرفت هذه الأمور فالتحقيق : أن مجرد تعريف المسند إليه باللام لا يفيد الاختصاص والحصر ، لعدم ثبوت وضع له ، ولا القرينة العامة عليه ، فلا بد من دلالته على الحصر من قيام قرينة خاصة عليه من مقام أو حال ، كما أشار إليه بقوله : «إلا فيما اقتضاه المقام» يعني : قرينة المقام ؛ كحصر الحمد بالله تعالى في نحو : «الحمد لله» ، فإن القرينة المقامية ـ وهي كون الحمد واردا في مقام الشكر على نعمه وآلائه ـ تقتضي انحصار جنس الحمد بالله «سبحانه وتعالى».
وحاصل ما أفاده المصنف «قدسسره» في التحقيق من عدم إفادة تعريف المسند إليه باللام للحصر هو : أن هذه الإفادة إمّا من ناحية اللام وإمّا من ناحية الحمل ، وشيء منهما لا يفيد الحصر.
أما الأول : فلأن الأصل في اللام أن تكون لتعريف الجنس ، ومن المعلوم : إن الجنس بنفسه لا يفيد الحصر إلّا إن يقوم دليل على كونه بنحو الإطلاق حتى يكون الجنس المطلق منحصرا في فرد ؛ كانحصار جنس العالم المطلق في زيد في مثال : «العالم زيد».
وأما الثاني : فلأن الأصل في القضايا : كون الحمل فيها شائعا ، ومن المعلوم : أن ملاكه هو التغاير المفهومي والاتحاد الوجودي ، وذلك لا يقتضي الحصر أصلا ، فقولنا : «الإنسان زيد» حمل متعارف ؛ لتغاير مفهوميهما واتحادهما وجودا ، ولا يفيد الحصر قطعا ؛ إذ لا يمنع هذا الاتحاد عن اتحاد الإنسان مع غير زيد من سائر أفراده أيضا.
(١) أي : فإنّ الحمل المتعارف هو الشائع في القضايا المتعارفة.