.................................................................................................
______________________________________________________
«الإنسان حيوان» ، فلا يصدق كل حيوان إنسان ؛ إذ ليس كل حيوان إنسانا ، فليس التعريف مانعا ؛ لعدم منعه عن دخول غير الإنسان في تعريف الإنسان كالفرس والبقر وغيرهما.
ومن هنا ظهر : وجه تسمية عدم مانعية الأغيار بعدم الاطراد ، وتسمية عدم جامعية الأفراد بعدم الانعكاس.
إذا عرفت الفرق بين التعاريف الحقيقية والتعاريف اللفظية فنقول : إنه قد وقع من الأعلام في التعاريف المذكورة النقض بعدم الاطراد أعني : عدم مانعية الأغيار تارة ، وبعدم الانعكاس أعني : عدم جامعية الأفراد أخرى ، ولازم هذا النقض : كون هذه التعاريف حقيقية ، لما عرفت : من عدم اعتبار الاطراد والانعكاس في التعاريف اللفظية.
وأما النقض بعدم الاطراد : فلدخول أسماء العدد والمثنى والجمع في تعريف العام «بأنه اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له» ، لأن أسماء العدد كلفظ العشرة قد وضع لمفهوم يصلح لاستغراق جزئياته نحو : «أكرم عشرة رجال» ، ودخول المثنى والجمع نحو : «أطعم مؤمنين» بصيغة التثنية ، أو «أطعم مؤمنين» بصيغة الجمع ؛ لأن لفظ المثنى والجمع قد وضعا لمفهوم يصح انطباقه على جميع ما يصلح له فيقال : هذان من المؤمنين ، وهؤلاء من المؤمنين.
ولدخول المشترك في التعريف المذكور كلفظ العين ؛ لأنه يشمل جميع ما يصلح له أعني : جميع أفراد واحد من معانيه.
هذا تمام الكلام في النقض بعدم الاطراد.
وأما النقض بعدم الانعكاس : فلخروج الجمع المعرّف باللام نحو : (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ)(١) عن تعريف العام ؛ لأنه لا يشمل جميع ما يصلح له ؛ إذ لفظ الرجال جمع ، والجمع لا يصلح للمفرد ، فلا يشمل رجلا رجلا ، بل يشمل رجالا رجالا. هذا ما أشار إليه المصنف بقوله : «وقد عرّف العام بتعاريف ، وقد وقع من الأعلام فيها النقض بعدم الاطراد تارة ، والانعكاس أخرى بما لا يليق بالمقام».
وجه عدم لياقته بالمقام : أن العام من موضوعات مسائل علم الأصول لا نفس مسائله ، فتعريفه يكون من المبادئ التصورية لعلم الأصول ، وحيث كان تعريف العام من المبادئ التصورية : فالنقض والإبرام لا يناسب الأصولي.
__________________
(١) النساء : ٣٤.