الخصوص ، وإن لم يكن كذلك : فالظاهر بقاء العام في المصداق المشتبه على حجيّته كظهوره فيه.
______________________________________________________
وحاصله : أن المخصص اللبّي إن كان واضحا بحيث يصح عرفا اعتماد المتكلم عليه إذا كان بصدد بيان غرضه في مقام التخاطب ؛ بأن يكون حكما عقليا ضروريا ، بحيث يعد عرفا من القرائن المتصلة المانعة عن انعقاد ظهور للعام في العموم فهو كالخاص المتصل اللفظي في عدم انعقاد ظهور للعام ابتداء إلا في الخاص.
القسم الثاني : كما أشار إليه بقوله : «وإن لم يكن كذلك» أي : وإن لم يكن المخصص اللبّي كالقرينة المتصلة المانعة عن انعقاد ظهور للعام في العموم ؛ بأن لم يكن حكما عقليا ضروريا ؛ بل كان نظريا متوقفا على أمور يتوقف حصوله منها على نظر وتأمل.
وكيف كان ؛ فالمخصص اللبّي إمّا ضروري أي : يحكم العقل بالتخصيص مستقلا ، من دون توقف على مقدمات نظرية ، وإما نظري يتوقف العلم بالخاص على مقدمات نظرية.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : إنه لا يجوز التمسك بالعام في القسم الأول لإحراز حكم الفرد المشتبه ، مثلا : إذا قال المولى لعبده : «اقتل كل من دخل داري» يحكم العقل حكما ضروريا بتخصيص أبناء المولى ، فصار الكلام في قوة أن يقال : «اقتل كل من دخل داري إلا أبنائي» ، فإذا اشتبه الفرد أنّه من أعدائه حتى يجب قتله أو أنّه من أبنائه كي يحرم قتله فلا يجوز التمسك بالعام فيه حتى يجري حكم العام عليه ، فليس العام حجة فيه ، فكذا ليس الخاص اللبي حجة فيه ، للشك في انطباق الخاص عليه ، فيرجع فيه إلى الأصل العملي على حسب ما يقتضيه المقام ، فالكلام فيه هو كالكلام في المخصص المتصل اللفظي في عدم جواز التمسك بالعام لإثبات حكم الفرد المشكوك.
هذا بخلاف القسم الثاني من اللبي ، حيث لم يكن المخصص اللبي فيه موجبا لصرف الكلام عن العموم إلى الخصوص ؛ بل يكون الكلام قد انعقد له ظهور في العموم ، فيجوز التمسك بالعام فيه ، لأن ظاهر الكلام الصادر عن المتكلم في مقام البيان حجة ما لم يعلم بخلافه ، فإذا قال المولى لعبده : «أكرم جيراني» ، وعلم من الخارج أنه لا يريد إكرام عدوّه منهم. وشك في عداوة واحد منهم بنحو الشبهة المصداقية جاز التمسك بالعام لإثبات وجوب إكرام هذا الفرد المشكوك في عداوته ، وذلك لما مر غير مرة من : أن العام ظاهر في كل فرد من أفراده ، وهذا الظاهر حجة ما لم تقم قرينة على إرادة خلافه ، فإذا علم بعداوة بعضهم كان ذلك العلم مانعا عن حجية العام فيه للقطع بعدم إرادته منه. وأما