.................................................................................................
______________________________________________________
الخارج ، فإن وجدت العلّة التامّة وجد الممكن ؛ وإلّا فلا يوجد ، ووجه استدلالهم بهذه القاعدة : أن كل فعل يصدر من فاعل لا بدّ وأن توجد علّته التامّة ، وإذا وجدت كان ذلك الفعل واجب الوجود بالعرض ، وإذا وجب الفعل لم يكن العبد مختارا فيه ، وبهذه المقدمات تمسكوا بكون العباد محبورين في جميع الأفعال.
«وأمّا الثاني» : فيقال : إنّه قد أجاب الأصحاب عن هذا الاستدلال بأنّا نسلّم أنّ الفعل بعد وجود علّته التامّة واجب ، ولكنّا نقول : إنّ العبد إنّما يوجد علّة الفعل بالإرادة والاختيار ، فإن أراد الفعل وسائر مقدماته وجب ، وإن لم يرد لم يجب ، فإيجاب الفعل وعدمه تحت اختيار المكلف ، ومن البديهي : «أن الإيجاب والامتناع بالاختيار لا ينافي» أي : إيجاب بإرادة مقدماته ، وامتناعه بعدم إرادة مقدماته لا ينافيان الاختيار.
وبهذا تبيّن : أن العباد ليسوا مجبورين في أفعالهم. واتّضح أيضا : أن قاعدة الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار في قبال استدلال الأشاعرة بالجبر.
إذا عرفت هذين الأمرين فنقول : إنّ الفرق بين المقام وبين ما أجاب به العدلية من القاعدة يمكن بوجوه يستدلّ بها على عدم كون المقام داخلا في كبرى عدم منافاة الامتناع بالاختيار للاختيار :
الوجه الأول : أنّ الفعل في مورد القاعدة مستند إلى الإرادة والاختيار ؛ لأنّ وجوبه وامتناعه إنّما يكون من قبل العلّة وإرادة الفاعل واختياره علّة للفعل أو تركه ، فالوجوب والامتناع ناشئان من اختياره.
ومن المعلوم : أن الوجوب والامتناع الناشئين عن الاختيار مؤكّدان له لا منافيان ، هذا بخلاف المقام الذي يسلب فيه الاختيار عن الفعل بواسطة اختيار شيء آخر ـ وهو الدخول ـ فليس الفعل ـ وهو الخروج ـ قابلا للصدور بالإرادة والاختيار ؛ بل المكلف مضطر إليه بسوء اختياره ، فلا يقدر على تركه تشريعا وإن كان قادرا عليه تكوينا.
الوجه الثاني : أنّ ما يكون داخلا في كبرى هذه القاعدة لا بدّ أن يكون ممّا عرضه الامتناع باختيار المكلف وإرادته ؛ كالحجّ يوم عرفة لمن ترك مقدمته باختياره وقدرته ، وكحفظ النفس المحترمة لمن ألقى نفسه من شاهق ، ونحوهما من الأفعال الاختيارية الّتي يعرض عليها الامتناع بالاختيار.
ومن الواضح : إنّ الخروج من الدار المغصوبة ليس كذلك ، فإنّه باق على ما هو عليه