كيف (١)؟ وقد ادعي الإجماع على عدم جوازه فضلا عن نفي الخلاف عنه ، وهو كاف في عدم الجواز كما لا يخفى.
وأما إذا لم يكن العام كذلك (٢) ، كما هو الحال في غالب العمومات الواقعة في ألسنة أهل المحاورات ، فلا شبهة في أن السيرة على العمل به بلا فحص عن مخصص ، وقد ظهر لك بذلك : أن مقدار الفحص اللازم ما به يخرج عن المعرضية
______________________________________________________
باستقرار سيرة العقلاء على عدم العمل بالعام قبل الفحص عن المخصص.
(١) أي : كيف يجوز العمل بالعام الذي يكون في معرض التخصيص قبل الفحص عن المخصص ، مع دعوى الإجماع على عدم جواز العمل به فضلا عن نفي الخلاف عنه؟ وهذا الإجماع كاف في عدم الجواز.
(٢) أي : إذا لم يكن العام في معرض التخصيص فلا ينبغي الإشكال في جواز التمسك بالعام قبل الفحص ، فقوله : «وأما إذا لم يكن العام كذلك» إشارة إلى القسم الثاني وهو ما تقدم في المقدمة ؛ من عدم كون العام في معرض التخصيص كالعمومات الواقعة في ألسنة أبناء المحاورات ، ولا شبهة في استقرار السيرة على العمل بالعام من دون فحص عن المخصّص.
وكيف كان ؛ فيقع الكلام تارة : في أصل وجوب الفحص عن المخصص ، وأخرى : في مقدار الفحص ، وقد أشار المصنف إلى مقدار الفحص بقوله : «وقد ظهر لك بذلك : أن مقدار الفحص اللازم ما به يخرج عن المعرضية له» يعني : ظهر لك بسبب معرضية العام للتخصيص : أن مقدار الفحص اللازم هو : خروج العام عن معرضية التخصيص ، هذا على مذهب المصنف من أن سبب وجوب الفحص هو : كون العام في معرض التخصيص.
وحاصل الكلام في المقام : أن مقدار الفحص اللازم تابع لدليل وجوبه ، فإن كان دليله العلم الإجمالي : فالمقدار الواجب من الفحص ما ينحل به العلم الإجمالي وهو العلم بوجود مخصصات بمقدار المعلوم بالإجمال ، حتى يخرج العام من أطراف العلم الإجمالي المانع عن جريان أصالة العموم. وإن كان دليل وجوب الفحص عدم حصول الظن بالمراد قبل الفحص عن المخصص : فالمقدار اللازم منه ما يوجب الظن بعدم التخصيص حتى يحصل الظن بإرادة المتكلم للعام.
وإن كان الدليل على وجوبه عدم الدليل على حجية الخطابات لغير المشافهين : فاللازم حينئذ الفحص حتى يقوم الإجماع على الحجية ، كما في «منتهى الدراية ، ج ٣ ، ص ٥٧٣» مع توضيح منّا.