الخطاب بمثل : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا) (*) في الكتاب حقيقة إلى غير النبي «صلىاللهعليهوآله» بلسانه (١) ، وأما إذا قيل : بأنه المخاطب والموجّه إليه الكلام حقيقة وحيا أو إلهاما (٢) ، فلا محيص (٣) إلا عن كون الأداة في مثله للخطاب الإيقاعي ولو مجازا (٤).
______________________________________________________
على كونها متوجهة حقيقة إليهم ، ضرورة : امتناع توجه الخطاب الحقيقي إلى الغائب والمعدوم ؛ لا إلى النبي «صلىاللهعليهوآله» ، بل هو «صلىاللهعليهوآله» مبلّغ لتلك الخطابات عن الله «عزوجل» إليهم. وأما بناء على كون المخاطب نفسه المقدسة «صلىاللهعليهوآله» حقيقة بالوحي أو الإلهام فلما لم يصح انطباق العنوان الواقع تلو أدوات الخطاب ؛ كالناس والمؤمنين ونحوهما من ألفاظ العموم عليه «صلىاللهعليهوآله» ؛ لعدم انطباق الجمع المفرد ، فلا بد من الالتزام بإرادة الخطاب الإيقاعي من أدواته حقيقة أو مجازا ، كما يلتزم به القائل بوضع الأدوات للخطاب الحقيقي ، وحينئذ فيشمل الخطاب الإنشائي الحاضر مجلس الخطاب والغائب عنه والمعدومين بوزان واحد ، فلا مانع حين استعمال الأدوات في الخطاب الإيقاعي من شمول العمومات الواقعة تلوها للكل حتى المعدومين ، كما في «منتهى الدراية ، ج ٣ ، ص ٥٩٨» مع تصرف ما.
(١) أي : بلسان النبي «صلىاللهعليهوآله» ؛ بأن يكون النبي «صلىاللهعليهوآله» مبلّغا لتلك الخطابات إليهم.
(٢) أي : أن الكلام يكون موجّها إلى النبي «صلىاللهعليهوآله» بالوحي أو الإلهام.
(٣) قوله : «فلا محيص» جواب «أمّا» ، الظاهر زيادة كلمة «إلا» في قوله : «إلا عن كون الأداة» ؛ لأن الغرض من هذه العبارة : أنه لا بد من الالتزام في هذا الفرض بالخطاب الإنشائي ، والكلام الدال على هذا المعنى أن يقال : فلا محيص عن كون الأداة في مثله للخطاب الإيقاعي ، وإلا فمقتضى كون الاستثناء من النفي إثباتا وجود المحيص عن الالتزام بالخطاب الإنشائي ، وهو خلاف المقصود ؛ إذ مرجعه إلى إمكان عدم الأخذ والالتزام بالخطاب الإنشائي ، والأخذ بالخطاب الحقيقي ، مع إن الخطابات بصورة الجمع والمخاطب واحد.
(٤) أي : على القول بوضع أدوات الخطاب للخطاب الحقيقي.
قوله : «وعليه» أي : وعلى ما ذكر من إنه لا محيص عن الالتزام بكون الأداة للخطاب الإيقاعي «لا مجال لتوهم اختصاص ..» الخ ؛ إذ الجميع غير موجّه إليهم الخطاب حسب
__________________
(*) الحج : ١.