.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا مع سعة الوقت : «فالصّحة وعدمها مبنيّان على عدم اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن الضّد واقتضائه».
وحاصل الكلام في المقام : أن في حكم الصلاة ـ مع غلبة ملاك الأمر على النهي في حال سعة الوقت ـ تفصيلا :
وتوضيح ذلك يتوقف على مقدمة مشتملة على أمور : منها : كون الصلاة في المغصوب ضدا للصلاة في المباح بمعنى : أن كلّا منهما واف بالغرض الداعي إلى إيجاب الصلاة ، فلا يمكن الجمع بينهما في مقام الامتثال ، لسقوط الأمر بإتيان إحداهما وعدم بقاء المجال لإتيان الأخرى.
ومنها : أن الصلاة في حال سعة الوقت فاقدة لمقدار من المصلحة المقابلة للمفسدة بسبب الكسر والانكسار مثلا : إذا كانت مصلحة الصلاة في المباح عشر درجات ، وفي المكان المغصوب خمس درجات : فلو صلّى في غير هذا المكان لحصلت العشر ، ولو صلّى فيه حصلت الخمس ، فحينئذ مع وقوع التضاد بينهما ـ كما هو المفروض ـ لا يبقى مجال لاستيفاء الخمسة مع استيفاء الخمس الأولى بإتيانها في الغصب ، ونظرا إلى عدم جواز تفويت المصلحة يتوجه الأمر إلى خصوص الصلوات الواقعة في غير الغصب ، وتبقى الصلاة الواقعة فيه بلا أمر ؛ لعدم جواز التخيير بين ما تفوت به المصلحة المهمة ، وبين ما يفي بتمامها لكونه تفويتا للمصلحة.
ومنها : اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن الضد وعدم اقتضائه ، مثلا : إن لم يكن الأمر بالفرد المباح مقتضيا للنهي عن الصلاة في الغصب صحت الصلاة لعدم مبغوضيّتها ، وإن كان مقتضيا له بطلت.
إذا عرفت هذه المقدمة فاتضح لك أمران :
الأول : التفصيل : وهو صحة الصلاة على القول بعدم اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن الضدّ ، وبطلانها على القول بالاقتضاء.
الثاني : صحة ما نسب إلى المشهور من التفصيل بين الضيق والسعة.
والصحة في الأول والبطلان في الثاني ، إذ يمكن أن يقال : إن المشهور قائلون بالامتناع مع تقديم الأمر والتضاد واقتضاء الأمر للنهي عن الضدّ.
فيصح حينئذ ما نسب إليهم من الحكم بصحة الصلاة مع ضيق الوقت ، والبطلان مع سعة الوقت.