أن رجوعه إلى غيرها بلا قرينة خارج عن طريقة أهل المحاورة ، وكذا في صحة رجوعه
______________________________________________________
الرابع : التوقف.
وقبل الإشارة إلى ما هو الصحيح أو الفاسد على ما هو مختار المصنف «قدسسره» ينبغي بيان أمور :
الأول : أنه لا فرق في هذا الحكم بين الاستثناء وبين غيره من أنواع المخصّصات ؛ كالوصف ، والشرط ، والحال والغاية.
الثاني : أن يصح عوده إلى الجميع عقلا وعرفا.
الثالث : أن تكون الجمل متعاطفة ، بلا فرق بين أن يكون متعددا نحو : «أكرم العلماء وجالس الأمراء وأعط الفقراء إلا الفساق منهم» ، أم كان واحدا نحو : «أكرم العلماء وأكرم الفقراء وأكرم رجال الأعمال إلا الفساق منهم».
وتعدد الحكم في المثال الأول إنما هو باعتبار تعدد متعلقه وهو الإكرام والمجالسة والإعطاء. هذا بخلاف ما إذا لم تكن الجمل متعاطفة ؛ إذ حينئذ يرجع إلى الجميع لعدم الفصل بينها بعاطف وكأنها في حكم الجملة الواحدة.
وإذا تحققت هذه الأمور ، فالظاهر من المصنف «قدسسره» : أنه لا خلاف ولا إشكال في رجوعه إلى الأخيرة ، سواء رجع إلى الكل أم رجع إلى الأخيرة فقط ، كما أشار إليه بقوله : «ولا إشكال في رجوعه إلى الأخيرة على أي حال» ؛ لأن رجوعه إلى غير الأخيرة بدون القرينة خارج عن طريقة أهل المحاورة ، فلا بد من نصب قرينة معيّنة ـ على فرض رجوعه إلى غير الأخيرة ـ إن قلنا بالاشتراك اللفظي بين رجوعه إلى الكل وبين رجوعه إلى الأخيرة.
وكذا لا إشكال في رجوعه إلى الكل فيما إذا كانت كل جملة من تلك الجمل مشتملة على المستثنى ، كما إذا ورد : «أكرم العلماء وجالس الأمراء وأعط الفقراء إلا الفساق» ، وفرض وجود الفساق في كل من العلماء والأمراء والفقراء ، فاعتبار اشتمال كل واحد من هذه العمومات على المستثنى واضح ، إذ مع عدم اشتمال بعضها عليه لا يصح رجوع الاستثناء إلى الجميع.
وكيف كان ؛ فلا إشكال في صحة رجوع الاستثناء إلى الكل ؛ «وإن كان المتراءى من كلام صاحب المعالم ، حيث مهد مقدمة لصحة رجوعه إليه أنه محل الإشكال والتأمل» أي : الرجوع إلى الكل عند صاحب المعالم محل إشكال (١) ؛ إذ لو لم تكن
__________________
(١) معالم الدين ، ص ١٧٤.