نعم (١) غير الأخيرة أيضا (٢) من الجمل لا يكون ظاهرا في العموم ؛ لاكتنافه (٣) بما لا يكون معه ظاهرا فيه (٤) ، فلا بد في مورد الاستثناء فيه من الرجوع إلى الأصول ؛ اللهم إلا أن يقال : بحجيّة أصالة الحقيقة تعبدا (٥) ؛ لا من باب الظهور ، فيكون المرجع
______________________________________________________
الرجوع إلى الأخيرة : فلأجل اتصالها بالأداة ، بحيث لو لم يكن غيرها من الجمل لم يكن ريب في الرجوع إلى الأخيرة ، فلو كان الجميع مرادا كانت الأخيرة داخلة فيه. وإن كان المراد غير الجميع كانت الأخيرة مرادة أيضا. هذا معنى كون الأخيرة مرادة على كل تقدير.
(١) أي : لا يكون تيقّن الأخيرة موجبا لظهور غيرها في العموم ؛ بل هو كالأخيرة في عدم الظهور ، فأصالة العموم في غير الأخيرة أيضا لا تجري لاحتفافه بما يصلح للقرينية ، ومعه لا ينعقد ظهور لغير الأخيرة أيضا في العموم ، فلو كان المستثنى زيدا مثلا ، وكان في كل من العمومات من يسمى بزيد ، فكون زيد في الجملة الأخيرة متيقن الخروج عن الحكم لا يوجب سلامة أصالة العموم فيما عدا الأخيرة من العمومات ، حتى يصح التمسك بها للحكم بعدم خروج زيد عنها ؛ إذ المفروض : احتفافها بما يصلح للقرينة ، وهذا مانع عن جريان أصالة العموم.
والحاصل : أنه لا يحكم بظهور ما عدا الأخيرة من الجمل في العموم ، كما لا يحكم بظهور الأخيرة فيه وإن كان المتيقن تخصيص الأخيرة.
(٢) يعني : كما لا ظهور للجملة الأخيرة في العموم وإن كان رجوع الاستثناء إليها متيقّنا ، كذلك لا ظهور لغير الجملة الأخيرة في العموم ، كما في «منتهى الدراية ، ج ٣ ، ص ٦٣٣».
(٣) تعليل لعدم ظهور ما عدا الجملة الأخيرة في العموم.
(٤) أي : في غير الأخيرة ، فيرجع في حكم زيد في المثال المذكور إلى الأصول العملية.
(٥) أي : وإن لم يحصل الظن النوعي بإرادة العموم ؛ لاكتناف الكلام بما يصلح للقرينية ـ كالاستثناء فيما نحن فيه.
وكيف كان ؛ فغرضه : إمكان إجراء أصالة العموم في غير الأخيرة بالبناء على أن هذا الأصل حجة تعبّدا ، فحينئذ لا مانع من جريان أصالة العموم والحقيقة في غير الجملة الأخيرة.
فما عدا الأخيرة محكوم بحكم العمومات ، ولا يجري فيه الأصول العملية.