إحداها :
كون المتكلم في مقام بيان تمام المراد ؛ لا الإهمال أو الإجمال.
ثانيتها (١):
انتفاء ما يوجب التعيين.
______________________________________________________
عليك بشرب الدواء ، ولا في مقام الاجمال والإهمال ؛ إذ لو لم يكن في مقام بيان تمام مراده لا يلزم نقض الغرض بذكره مطلقا مع عدم نصب قرينة على تعيين مراده الخاص ، فإذا قال المتكلم : «أعتق رقبة» وكان في مقام بيان مراده من وجوب عتق مطلق الرقبة يؤخذ بإطلاق كلامه ، ويكون إطلاق كلامه حجة.
والمقصود من كون المتكلم في مقام البيان : هو إفهامه تمام ما أراد بيانه سواء كان مرادا جدّيا له أم مرادا استعماليا لضرب قاعدة يرجع إليها عند الشك وعدم حجة أقوى على خلافه. فلو كان في مقام بيان أصل التشريع من دون نظر إلى الخصوصيات ، كما إذا قال : «صوم رمضان واجب» ولم يتعرض لما يعتبر في وجوبه وصحته ، فلا يصح التمسك بإطلاق كلامه وإثبات أن ما بيّنه هو تمام مراده ، وأنه لا دخل لشيء آخر فيه.
والمتحصل : أنه ما لم يكن المتكلم في مقام البيان من الجهة التي يراد إثباتها لم يصح التمسك بالإطلاق لإثبات تلك الجهة ، كما إذا كان في بيان حكم آخر كقوله تعالى : (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ)(١) الوارد في مقام بيان حلية ما اصطاده الكلب المعلم ، فإنه لا يجوز التمسك بإطلاق الأمر بالأكل لإثبات طهارة موضع عضّ الكلب ؛ لعدم إحراز كون المتكلم في مقام بيان الجهة التي يراد اثباتها بالإطلاق ، فلو ورد دليل على التقييد لم يكن قبيحا لعدم كونه في مقام البيان بالإطلاق حتى يكون التقييد منافيا له.
(١) أي : وحاصل المقدمة الثانية من مقدمات الحكمة : عدم القرينة المعيّنة للمراد ، إذ معها يكون المراد متعينا ، فلا وجه حينئذ للحمل على الإطلاق ؛ إذ لا يلزم نقض الغرض من عدم الحمل على الإطلاق ، إذ المفروض : أنه قد بيّن غرضه الذي هو المقيد بالقرينة المذكورة في الكلام.
والمقدمة الثالثة من مقدمات الحكمة ما أشار إليه بقوله : «وثالثتها انتفاء القدر المتيقّن في مقام التخاطب» وحاصلها : ـ على ما في «منتهى الدراية ، ج ٣ ، ص ٧١٥» ـ : أن الإطلاق موقوف على انتفاء القدر المتيقن في مقام التخاطب ؛ إذ معه يصح أن يعتمد
__________________
(١) المائدة : ٤.