يكون الظفر بالمقيد ـ ولو كان مخالفا ـ كاشفا عن عدم كون المتكلم في مقام البيان ، ولذا لا ينثلم به إطلاقه وصحة التمسك به أصلا ، فتأمّل جيدا (١).
وقد انقدح بما ذكرنا (٢) : أن النكرة في دلالتها على الشياع والسريان أيضا (٣) تحتاج فيما لا يكون هناك دلالة حال أو مقال إلى مقدمات الحكمة ، فلا تغفل.
______________________________________________________
الجدي الواقعي ، وهذا الكلام يلازم عدم إمكان التمسك بالمطلقات إذا قيدت واقعا بقيود منفصلة ؛ لأنه يكشف عن عدم كون المتكلم في مقام البيان ، فتنهدم المقدمة الأولى بورود المقيد المنفصل وهذا اللازم باطل إذ لا يلتزم به أحد ، فيكشف عن بطلان المبنى الذي يبتني عليه.
قوله : «فلا يكون الظفر بالمقيد ـ ولو كان ـ كاشفا ..» إلخ ، تعريض بما في التقريرات وردّ عليه ، وتفريع على كون المراد بالبيان إظهار تمام مراده ولو لم يكن عن جدّ ، كما هو مختار المصنف.
وكيف كان ؛ فقد اتضح مما تقدم ـ من أن المراد بالبيان مجرد إظهار تمام المراد حتى يكون حجة ظاهرا في الأفراد المشكوكة حتى تقوم حجة أقوى على خلافه ـ عدم كون دليل التقييد كاشفا عن عدم كون المتكلم في مقام البيان ، ولذا لا ينثلم بالظفر بالمقيد إطلاق المطلق وصحة التمسك به ، فلو قال : «أعتق رقبة» ، ثم ورد : «لا تعتق رقبة كافرة» لا يكشف هذا التقييد عن عدم كون المتكلم في مقام البيان ، ولذا يصح التمسك بالإطلاق في غير مورد التقييد ، فلو شك في تقييده بغير الإيمان أيضا يتمسّك في نفيه بالإطلاق بلا إشكال.
(١) لعله إشارة إلى : إن المقيد إذا كان مخالفا للمطلق في النفي والإثبات نحو : «أعتق رقبة» و «لا تعتق رقبة كافرة» فلا ريب في كونه مقيدا له ، أو يحمل المقيد على الاستحباب والأفضلية ، فانتظر تفصيل ذلك فيما سيأتي عن قريب.
(٢) أي : من كون النكرة هي الطبيعة المقيدة بالوحدة المفهومية ، وخروج الشيوع عن مفهومها ظهر : أن دلالتها على الشيوع لا بد أن تستند إلى قرينة حالية أو مقالية أو حكمية إن تمت مقدمات الحكمة ، فإنّ النكرة وإن كانت دالة على الشيوع لكنه بدلي لا عرضي ، فلا دلالة لها على الشيوع العرضي إلا بالقرينة ولو كانت مقدمات الحكمة.
(٣) أي : مثل اسم الجنس الذي وضع للماهية المهملة ، فلا يدل على الشياع إلا