من التمسك بالإطلاقات ، فيما إذا لم يكن هناك ما يوجب صرف وجهها (١) إلى جهة خاصة ، ولذا (٢) ترى أن المشهور لا يزالون يتمسكون بها مع عدم إحراز كون مطلقها (٣) بصدد البيان ، وبعد (٤) كونه ؛ لأجل ذهابهم إلى أنها موضوعة للشياع
______________________________________________________
مرامه في مجلس واحد ، ولا يعتمد في بيان مراده على القرائن المنفصلة ، فحينئذ إذا احتملنا عدم كون المطلق تمام الموضوع للحكم ـ كالرقبة ـ وأن الطبيعة جزء الموضوع ، فلا بأس بالتمسك بالأصل العقلائي المزبور ، والبناء على أن المطلق تمام مراده.
وأما إذا جرى دأب المتكلم على الاعتماد على القرائن المنفصلة لمصالح توجب ذلك ، فبناء العقلاء على جريان الأصل المذكور حينئذ غير ثابت ، والشك فيه يوجب التوقف عن إجرائه ؛ بل لا بد في الأخذ بالإطلاق من الوثوق ، والاطمئنان بكون المتكلم في مقام بيان تمام مراده بهذا الكلام.
(١) يعني : صرف وجه الإطلاقات إلى جهة خاصة ، كانصراف إطلاق «ما لا يؤكل لحمه» إلى غير الإنسان من سائر الحيوانات التي لا يؤكل لحمها.
(٢) أي : لأجل هذه السيرة. وضمير «بها» يرجع إلى الإطلاقات.
(٣) بصيغة اسم الفاعل يعني : أنت ترى أن المشهور يتمسكون بالإطلاقات ، مع عدم إحراز كون مطلق المطلقات بصدد البيان ، وليس ذلك إلا لأجل الأصل المذكور.
(٤) بضم الباء وسكون العين وكسر الدال عطف على «عدم» في قوله : «مع عدم إحراز ..» إلخ يعني : مع بعد كون تمسّك المشهور بالإطلاقات لأجل ذهابهم إلى أنها موضوعة للشياع والسريان ، فيكون دفعا لما يتوهّم من أن يتمسك المشهور بالإطلاق ، مع عدم إحراز كون المتكلم في مقام البيان ، ليس من جهة كون الأصل عندهم عند الشك هو كون المتكلم في مقام البيان ؛ بل من جهة ذهابهم إلى وضع المطلق للشيوع والسريان ، بحيث يكون الشياع جزء الموضوع له ، فلا يحتاج انعقاد الإطلاق إلى مقدمات الحكمة ، ومنها كون المتكلم في مقام البيان لنحتاج في إحرازه إلى الأصل العقلائي المذكور.
وحاصل الدفع : أن ذهابهم إلى وضع المطلق للشيوع والسريان بعيد ؛ لما مر سابقا من وضع ألفاظ المطلق للماهية المبهمة المهملة ، التي لم يلاحظ شيء ولا قيد ، فالشيوع والسريان خارجان عما وضعت له ، ولعل وجه نسبة المطلق للمعنى المقرون بالشياع إلى المشهور : ملاحظة عدم الوجه في التمسك بالإطلاقات ، بدون إحراز كون المتكلم في