يكونان متوافقين ، فإن كانا مختلفين : مثل : أعتق رقبة ولا تعتق رقبة كافرة ، فلا إشكال في التقييد.
وإن كانا متوافقين : فالمشهور فيهما الحمل والتقييد (١). وقد استدلّ بأنه (٢) جمع بين الدليلين وهو أولى.
وقد أورد عليه (٣) بإمكان الجمع على وجه آخر (٤) مثل : حمل الأمر في المقيد على الاستحباب.
وأورد عليه (٥) : بأن التقييد ليس تصرفا في معنى اللفظ ، وإنما هو تصرّف في
______________________________________________________
(١) يعني : يحمل المطلق على المقيد ، ويقال : إن المراد الجدّي هو المقيد ، فالمطلق هو عتق الرقبة المؤمنة ؛ لا كل رقبة.
(٢) أي : أن الحمل والتقييد جمع بين الدليلين ، وقد قيل : «إن الجمع بين الدليلين مهما أمكن أولى من الطرح» ، وأمّا كون التقييد جمعا بين المطلق والمقيّد ؛ فلأنه يؤخذ بكل منهما ، حيث أن المطلق يصير جزء الموضوع ، ففي «أعتق رقبة» الظاهر في كون الرقبة تمام الموضوع لوجوب العتق يجعل الرقبة جزء الموضوع ، وفي «أعتق رقبة مؤمنة» يجعل المؤمنة جزءا آخر لموضوع وجوب العتق ، فنتيجة الجمع بينهما : كون الموضوع مركبا من الرقبة والإيمان. «وهو أولى» أي : الجمع بين الدليلين أولى من الطرح ، والمقام من صغريات تلك القاعدة.
(٣) أي : أورد على الجمع المذكور بإمكان الجمع على وجه آخر ؛ كحمل الأمر فيهما على التخيير ، أو حمل الأمر في المقيد على الاستحباب.
توضيح الإيراد ـ على ما في «منتهى الدراية» ـ أن الكبرى ـ وهي أولوية الجمع من الطرح ـ وإن كانت مسلّمة ، إلّا إن صغراه لا تنحصر في الجمع المزبور ؛ بل يمكن الجمع بين المطلق والمقيد بوجه آخر ، وهو حمل الأمر في المقيد كقوله : «أعتق رقبة مؤمنة» على الاستحباب لمزية فيها أوجبت ذلك ؛ وإبقاء المطلق على إطلاقه ، فيجزي حينئذ عتق الرقبة مطلقا وإن كانت كافرة ؛ لكن عتق المؤمنة أفضل ، وهذا جمع حكمي ، كما أن سابقه جمع موضوعي.
(٤) يعني : غير الجمع الأول الذي هو جمع موضوعي كما عرفت.
(٥) أي : أورد على هذا الإيراد المذكور بما حاصله. من أن الجمع الأول ـ وهو حمل المطلق على المقيد ـ أولى من الجمع الثاني وهو حمل الأمر في المقيد على الاستحباب ؛ وذلك لأن حمل المطلق على المقيد ليس تصرفا في معنى لفظ المطلق ؛ لما عرفت من أن