أو أنه (١) كان بملاحظة التسامح في أدلة المستحبات ، وكان عدم رفع اليد عن
______________________________________________________
على تأكد الاستحباب ، هذا بخلاف الواجبات فإنه لا ظهور لأدلتها في وجود ملاك المحبوبية في جميع أفرادها ، بل الظاهر منها ؛ اختصاص ملاكها بالمقيّد ، فيجب حمل المطلق عليه لعدم وجود الملاك فيه.
قوله : «فتأمل» لعله إشارة إلى ضعف هذا التوجيه الفارق بين الواجبات والمستحبات ـ لأن التفاوت بحسب المراتب موجود في غالب الواجبات أيضا ـ لأن الأحكام تابعة للمصالح الواقعية ، وهي مختلفة ثبوتا ، فاختلافها موجب لتفاوتها من حيث المحبوبية.
هذا مضافا إلى أن غلبة تفاوت مراتب المحبوبية في المستحبات لا توجب حمل المقيد على تأكّد الاستحباب ؛ لأن المناط في الحمل هو الأظهرية ، وكون الغلبة موجبة لظهور القيود الواقعة في المستحبات في تأكّد الاستحباب ، بحيث يكون هذا الظهور أقوى من ظهور القيد في الدخل في أصل المطلوبية في حيّز المنع ، وعلى هذا الاحتمال : فغلبة أفراد المستحبات في المحبوبية لا تكون قرينة نوعية على حمل المقيد على المحبوبية الزائدة على محبوبية المطلق ؛ بل مقتضى قاعدة التقييد تعين المقيد في الاستحباب.
(١) أي : حمل المطلق في المستحبات على تأكّد استحبابه ، وعدم حمل المطلق على المقيد «كان بملاحظة التسامح في أدلّة المستحبات».
وهذا هو الوجه الثاني وحاصله : أن وجه عدم حمل المطلق على المقيد في المستحبات هو صدق موضوع أخبار «من بلغ» (١) على المطلق في باب المستحبات ، فإذا ورد بلوغ الثواب على زيارة الإمام الحسين «عليهالسلام» صدق عليها بلوغ الثواب ، فيشمله عموم أو إطلاق أخبار من بلغ ، فيستحب المطلق ؛ لصدق عنوان بلوغ الثواب عليه ، لا لدليل استحبابه ؛ إذ لو كان لذلك لزم تقييده ، والحكم بعدم استحبابه ، وأن المستحب هو المقيد فقط كلزوم تقييد المطلق في الواجبات.
والحاصل : أنه يحكم باستحباب المطلق مع وجود المقيد مسامحة من باب صدق بلوغ الثواب عليه ؛ لا لدليل نفس المطلق حتى يلزم تقييده. وهذا التسامح مفقود في الواجبات ، ولذا يقيّدون مطلقها بمقيدها.
__________________
(١) مثل قول أي عبد الله «عليهالسلام» : «من بلغه شيء من الثواب على شيء من خير فعله ، كان له أجر ذلك ، وإن كان رسول الله «صلىاللهعليهوآلهوسلم» ثواب الأعمال ، ص ١٣٢. وعن أبي جعفر «عليهالسلام» كذلك في الإقبال ص ٦٢٧.