وأمّا على القول بالجواز (١) : فعن أبي هاشم (٢) : أنّه مأمور به ومنهي عنه ، واختاره
______________________________________________________
تعيين الحكم الفعلي مبني على القول بالامتناع كما أشار إليه بقوله : «هذا على الامتناع».
(١) أي : على القول بالجواز وإمكان اجتماع الأمر والنهي فلا بدّ من الالتزام بفعلية كلا الحكمين ـ أعني : الوجوب والحرمة ـ لعدم تزاحمهما مع تعدد الموضوع وكون جهتي الأمر والنهي تقييديتين ، لا تعليليتين.
(٢) قال في التقريرات : «وهو المحكي عن أبي هاشم على ما نسب إليه العلامة ، حيث أفاد في محكي النهاية : أطبق العقلاء كافة على تخطئة أبي هاشم في قوله : بأن الخروج تصرف في المغصوب ، فيكون معصية ، فلا تصح الصلاة وهو خارج سواء تضيق الوقت أم لا» (١).
قال في التقريرات أيضا : «واختاره المحقق القمي «قدسسره» ناسبا له إلى أكثر أفاضل متأخري أصحابنا ، وظاهر الفقهاء ، والوجه في النسبة المذكورة هو قولهم بوجوب الحج على المستطيع وإن فاتت الاستطاعة الشرعية» (٢) ؛ لكن قول الفقهاء بوجوب الحج على المستطيع وإن فاتت الاستطاعة الشرعية لا يدلّ على الاجتماع ؛ بل وجوب الحج على من فاتت استطاعته تكليف بما لا يطاق ، لكنه لمّا كان تأخير الحج عن سنة الاستطاعة باختياره لم يكن به بأس. وما نحن فيه أيضا كذلك ؛ لأنّ الاضطرار إلى الغصب لمّا كان باختياره ، فلا مانع من اجتماع الوجوب والحرمة فيه وإن كان ذلك تكليفا بما لا يطاق.
وجه عدم الدلالة : إنّ الاستطاعة الشرعية ليست شرطا حدوثا وبقاء حتى يلزم من انتفائها مع بقاء الوجوب تكليف ما لا يطاق ؛ بل يكفي مع التأخير عمدا القدرة العقلية. فاستظهار اجتماع الوجوب والحرمة في مسألتنا من العبارة المزبورة في غير محلّه ؛ لأنّ المشهور بين الأصحاب : هو القول بالامتناع ، ومجرد التزام كثير منهم بصحة صلاة الغاصب حين الخروج لا يدل على كونها مأمورا بها ومنهيا عنها ؛ بل لا يدل على كونها مأمورا بها أيضا ؛ لاحتمال كفاية الملاك في صحة الصلاة ، وعدم الحاجة إلى الأمر ، فيمكن أن لا يكون المضطر إليه بسوء الاختيار مع الانحصار مأمورا به ، ولا منهيا عنه فعلا كما اختاره المصنف «قدسسره».
والمتحصل : أنّ الحق هو : امتناع اجتماع الأمر والنهي ، وقد اختار المصنف القول الرابع الّذي أشار إليه بقوله : «والحق : أنّه منهي عنه بالنهي السابق الساقط بحدوث
__________________
(١) مطارح الأنظار ، ج ١ ، ص ٧٠٧ ، عن نهاية الوصول ، ص ١١٧.
(٢) مطارح الأنظار ، ج ١ ، ص ٧٠٧.