الّتي هي مفاده فيها ، ولا ينافي ذلك أن الملازمة ـ على تقدير ثبوتها في العبادة ـ إنّما تكون بينه وبين الحرمة ولو لم تكن مدلولة بالصيغة ، وعلى تقدير عدمها تكون منتفية بينهما ؛ لإمكان (١) أن يكون البحث معه في دلالة الصيغة بما تعمّ دلالتها بالالتزام ،
______________________________________________________
الملازمة العقلية التي لا مساس لها بالدلالة اللفظية لكان هذا القائل من النافين ، مع أنّهم عدّوه من المثبتين ، فيستكشف من هذا : أنّ النزاع في دلالة اللفظ لا في الملازمة العقلية ، هذا ما اشار إليه بقوله :
«إن عدّ هذه المسألة من مباحث الألفاظ إنّما هو لأجل أنّه في الأقوال قول بدلالته على الفساد» أي : في الأقوال قول بدلالة النهي على الفساد ، فالتحفظ على إدراج هذا القول في حريم النزاع أوجب تحرير البحث في دلالة اللفظ.
قوله : «ولا ينافي ذلك أن الملازمة ...» إلخ إشارة إلى ردّ ما في التقريرات المنسوبة إلى الشيخ الأنصاري من التوهم حيث قال ما لفظه : «قد عرفت في المسألة السابقة الفرق بينها وبين هذه المسألة على وجه التفصيل ، ومحصله هو : أن المسئول عنه في تلك المسألة هو إمكان اجتماع هذين النحوين من الطلب في مورد واحد وامتناعه ، والمسئول عنه في هذه المسألة هو ثبوت الملازمة بين تعلق النهي بشيء وبين فساد ذلك الشيء (١) ـ إلى أن قال ـ ومن هنا يظهر : إن المسألة لا ينبغي أن تعدّ من مباحث الألفاظ ، فإنّ هذه الملازمة ـ على تقدير ثبوتها ـ إنّما هي موجودة بين مفاد النهي المتعلق بشيء وبين فساد ذلك الشيء ، وإن لم يكن ذلك النهي مدلولا بالصيغة اللفظية ، وعلى تقدير عدمها إنّما يحكم بانتفائها بين المعنيين» (٢).
ومحصل ما في التقريرات ـ مع طوله ـ أن محل الكلام في المسألة نفيا وإثباتا إنّما هو الملازمة بين الحرمة والفساد عقلا ؛ وإن لم تكن الحرمة مستفادة من اللفظ أصلا ، كما إذا كانت مستفادة من عقل أو إجماع أو نحوهما.
وعليه : فالمسألة ليست لفظية ؛ بل عقلية ، لأنّ البحث إنما هو في الملازمة ، لا في الدلالة اللفظية.
(١) تعليل لقوله : «ولا ينافي» ، وردّ للتوهم المذكور وهو التنافي بين جعل هذه المسألة من مباحث الألفاظ ، وبين التزام العلماء بالملازمة بين الحرمة والفساد في العبادات ، والتنافي بين القول بالملازمة بين الحرمة والفساد في العبادات وبين القول بدلالة النهي
__________________
(١) مطارح الأنظار ، ج ١ ، ص ٧٢٧.
(٢) السابق ، ص ٧٢٨.