بنفسه وبعنوانه عبادة له تعالى ، موجبا بذاته للتقرب من حضرته لو لا حرمته ؛ كالسجود والخضوع والخشوع له وتسبيحه وتقديسه ، أو ما لو تعلق الأمر به كان أمره أمرا عباديا لا يكاد يسقط إلّا إذا أتى به بنحو قربي كسائر أمثاله ، نحو : صوم العيدين ، والصلاة في أيّام العادة ؛ لا ما أمر به لأجل التعبد به ، ولا ما يتوقف صحته على النيّة ، ولا ما لا يعلم انحصار المصلحة فيه في شيء كما عرّف بكل منها العبادة ، ضرورة (١) : أنها بواحد منها لا يكاد يمكن أن يتعلق بها النهي. مع ما أورد عليها (٢) بالانتقاض طردا أو عكسا ، أو بغيره (٣) كما يظهر من مراجعة المطولات ، وإن كان
______________________________________________________
الثالث : ما أشار إليه بقوله : «ما أمر به لأجل التعبد به».
والرابع : ما أشار إليه بقوله : «ما يتوقف صحته على النيّة».
(١) تعليل لعدم إرادة ما عدا المعنيين الأولين من معاني العبادة في هذه المسألة بتقريب : أنه يمتنع تعلق النهي بالعبادة بأحد هذه المعاني عدا المعنيين الأولين ؛ إذ المفروض : وجود الأمر الفعلي فيما عداهما ، ومعه يستحيل تعلق النهي به لاستلزامه اجتماع الأمر والنهي في شيء واحد بعنوان واحد ، هذا بخلاف المعنيين الأولين لعدم الأمر الفعلي فيهما. ومن هنا ظهر الفرق بينهما وبين سائر المعاني للعبادة وهو وجود الأمر الفعلي فيها دونهما.
والضمير في «أنّها» و «بها» يعود إلى العبادة ، وفي «منها» و «عليها» راجع إلى التعريفات المستفادة من العبارة.
(٢) يعني : أورد على التعريفات المزبورة بالانتقاض طردا ـ أي : بعدم كونها مانعة ـ كانتقاض تعريف المحقق القمّي «قدسسره» ـ كما في الفصول ـ طردا بالتوصليات الّتي لا نعلم مصلحتها كتوجيه الميّت إلى القبلة ، وعكسا ـ أي : عدم كونها جامعة ـ بالوضوء الّذي علم انحصار المصلحة فيه في الطهارة ، مع إنّه عبادة ، فتعريف العبادة بما ذكره المحقق القمّي «قدسسره» لا يكون جامعا ولا مانعا ؛ لخروج الوضوء الذي هو عبادة قطعا عنه ، ودخول مثل توجيه الميّت إلى القبلة من التوصليات فيه مع عدم كونه عبادة ، كما في «منتهى الدراية ، ج ٣ ، ص ٢٤٥» مع تصرف ما.
(٣) أي : كالدور الذي أورده في التقريرات على تعريف العبادة «بأنّها ما يتوقف صحته على النيّة» قال المقرر : «إنّ أخذ الصحة في التعريف يوجب الدور ـ بتقريب : ـ أن معرفة العبادة موقوفة على معرفة الصحة ، لوقوعها جزءا لحدّها ، ومعرفة الصحة موقوفة على معرفة العبادة ؛ لأنّ الصحة في العبادات معناها سقوط القضاء لا الصحة على وجه