وعليه فدعوى أنّ الأحكام تتغيّر بحسب تغيّر الأعصار والأزمنة والمرجع في ذلك هو العرف العامّ ، دعوى سخيفة جدّا ومخالفة لضرورة المذهب لو أريد بذلك استقلال العرف في كشف الأحكام من الملاكات والمناطات الظنيّة.
والأسخف من ذلك هو دعوى أنّ الأحكام في بقائها تحتاج إلى مقبوليّة العرف العام ولو من جهة كونها غير موافقة لتمايلاتهم وأهوائهم ، وتحرز المقبولية بآراء الوكلاء في المجالس أو آراء الموكلين ، مع أنّ بقاء الأحكام لا يشترط بالمقبولية العرفية أصلا وأبدا. نعم تحتاج الأحكام في الإجراء إلى مساعدة العرف العامّ ويجب عليهم المساعدة ، والإهمال في ذلك يوجب العقاب والعذب الأليم.
ولا ينافي ما ذكر سقوط بعض الأحكام عن الفعلية بعروض العناوين الثانويّة ؛ فإنّ الاحكام الثانويّة شرعيّة أيضا ، ولا دخالة للعرف فيها إلّا من ناحية صدق العناوين الثانوية.
وهكذا لا ينافيه حصول التغييرات في ناحية بعض مصاديق الموضوعات ؛ فإنّ المتغيّر في أمثال ذلك هو نفس بعض المصاديق والحكم ثابت على موضوعه ، مثلا إذا تحققت العادة بالمراهنة في اللعب بشيء كان اللعب بالشيء المذكور مصداقا للقمار ، ويترتب عليه حكم القمار ، فإذا انتفت عادة المراهنة عن اللعب المذكور خرج اللعب المذكور عن مصداق القمار ، فالمتغيّر هو اللعب المذكور ، وأمّا القمار وحكمه فهما ثابتان ولا يعرضهما تغيير أصلا.
وهكذا لا يرتبط بمرجعيّة العرف ولاية الأئمة المعصومين عليهمالسلام والمنصوبين من قبلهم على تغيير الأحكام موقتا كرفع الوجوب أو ايجاب ما لم يجب إذا اقتضت المصلحة ذلك كما في الأحكام السلطانية كرفع وجوب الخمس أو ايجاب أداء شيء زائد على موارد الزكاة وغير ذلك ؛ فإنّ ذلك يختص شرعا بالإمام المعصوم عليهالسلام ومن نصبه بالنصب الخاصّ أو العامّ فلا تغفل.