الباب الثّاني : في الظنّ
الفصل الخامس
في الأمارات التي ثبتت حجّيتها بالأدلّة أو قيل بثبوتها
واعلم أنّ مقتضى الأصل هو عدم طريقيّة الظن وعدم حجيّته وحرمة اسناده الى المولى والتعبد به ولكن يخرج عن هذا الأصل ظنون من جهة قيام الأدلة على حجيتها وهي :
١ ـ الظّهورات اللفظيّة
ولا يخفى أنّ الظّهورات الكلاميّة المرادة حجّة عند العقلاء ، ولذا يحكمون بوجوب اتّباعها في تعيين مراداتهم ، ويحتج بها كل متكلم وسامع على الآخر فإذا كان شيء مستفادا من الكلام أخذ به المتكلم وجعله حجة على مراده وتمسك به السامع وجعله حجّة على مراد المتكلم.
وهذا هو معنى الحجّة ، فالظهورات حجّة المتكلم وحجّة السامع عند العقلاء
واستقر بناؤهم على العمل بها في جميع مخاطباتهم من الدعاوى والأقارير والوصايا والشهادات والمكاتبات والإنشاءات والإخبارات وغيرها. ولا اشكال ولا خلاف في ذلك ، نعم سيأتي الخلاف في اعتبار بعض القيود وعدمه في الحجيّة ان شاء الله تعالى.
ثم إنّ طريقة الشارع في إفادة مراداته ليست مغايرة لطريقة العقلاء في محاوراتهم ؛ لأنّ الشارع لم يخترع طريقة أخرى ، بل كان يتكلم مع الناس بلسانهم وطريقتهم وهذا