الأمر الثاني : في المراد من الإجماع عند الخاصّة
ولا يخفي عليك أنّ الإجماع عند الخاصّة قد يطلق على اتفاق علمائنا من القدماء والمتأخرين ، وقد يطلق على اتفاق جماعة منهم كالقدماء أو المتأخرين أو علماء عصر واحد ، والإجماع بأي معنى كان ليس حجّة بنفسه عند الخاصّة ، بل حجيّته لأجل كشفه عن قول المعصوم أو تقريره ، وكلّ واحد منهما يكون من مصاديق السنّة ، وعليه فلا يكون الإجماع عندنا في مقابل الكتاب والسنّة ، بل هو من مصاديق السنّة.
الأمر الثالث : في وجوه استكشاف رأى المعصوم
الوجه الأوّل :
الحسّ ، كما إذا سمع الحكم من الإمام في جملة جماعة لا يعرف أعيانهم ، وهو الذي يسمّى بالإجماع الدخولي والتشرفي ، فيحصل له العلم بقول الإمام ، وهذا الفرض نادر جدّا وعلى فرض وجوده لا إشكال فى حجيّته ؛ لأنّ المعرفة الإجمالية بوجود الإمام تكفي في الحجيّة ، ولا يلزم فى الحجيّة أن تكون المعرفة تفصيلية ، كما لا يخفى.
الوجه الثاني :
قاعدة اللطف ، وهذه هي التي ذهب إليها الشيخ الطوسي قدسسره في العدة حيث قال في حكم ما إذا اختلفت الإمامية (الأمة خ ل) على قولين يكون أحد القولين قول الإمام على وجه لا يعرف بنفسه والباقون كلهم على خلافه : إنّه متى اتفق ذلك ؛ فإن كان على القول الذي انفرد به الإمام دليل من كتاب أو سنة مقطوع بها لم يجب عليه الظهور ولا الدلالة على ذلك ؛ لأنّ الموجود من الدليل كاف في ازاحة التكليف ، ومتى لم يكن عليه دليل ، وجب عليه الظهور أو إظهار من تبين الحق فى تلك المسألة إلى ... أن قال : وذكر المرتضى علي بن الحسين الموسوى أنّه يجوز أن يكون الحق عند الإمام والأقوال الأخر كلها باطلة ، ولا يجب عليه الظهور ؛ لأنّا إذا كنا نحن السبب في استتاره فكل ما يفوتنا من الانتفاع به وبما يكون معه من الأحكام قد فاتنا من قبل أنفسنا ولو أزلنا سبب الاستتار لظهر وانتفعنا به وأدّى إلينا الحق الّذي كان عنده.