الخلاصة
الاستدلال بالاستصحاب
ومن الوجوه التى استدل بها على البراءة هو الاستصحاب وتقريب الاستدلال به على نحوين لأنّ الأحكام الشرعية لها مرتبتان.
المرتبة الأولى :
مرتبة الجعل والتشريع والحكم الشرعي في هذه المرتبة متقوّم بفرض الموضوع لا بتحقّقه فعلا إذا التشريع غير متوقّف على تحقّق الموضوع خارجا بل يصحّ جعل الحكم على موضوع مفروض الوجود على نحو القضيّة الحقيقيّة فصحّ تشريع القصاص على القاتل مثلا وإن لم يقتل أحد أحدا إلى الأبد وفي هذه المرتبة يمكن استصحاب عدم الجعل والتشريع ما لم يحصل اليقين بالجعل لأنّ الحكم المشكوك فيه مسبوق بعدم الجعل في زمان قطعا فيقال إنّ هذا الحكم المشكوك لم يكن مجهولا للشارع والآن كان كذلك.
ودعوى أنّ المحرّك للعبد أعني الباعث أو الزاجر له إنّما هو التكليف الفعلي لا الإنشائي فالحكم الإنشائي ممّا لا يترتب عليه أثر وإثبات عدم التكليف الفعلي باستصحاب عدم الجعل لا يمكن لأنّه مثبت.
مندفعة بأنّ الحكم الفعلي هو الحكم الإنشائي مع فرض تحقّق قيوده المأخوذة فيه ومع وحدتهما فلا مجال لدعوى كون استصحاب عدم الجعل مثبتا.
فتحصّل أنّه لا مانع من جريان الاستصحاب ومع جريانه لا يبقى مورد للرجوع إلى البراءة الشرعيّة أو العقليّة.
لا يقال : إنّ استصحاب عدم جعل الإلزام معارض باستصحاب عدم جعل الترخيص.
وحيث نعلم إجمالا بجعل أحد الأمرين يسقطان بالمعارضة ويرجع حينئذ إلى البراءة. لأنّا نقول لا مانع من جريان كلا الاستصحابين ما لم يلزم من جريانهما مخالفة عملية للتكليف الإلزامي فإذا ثبت بالاستصحابين عدم جعل الإلزام وعدم جعل الترخيص كفى ذلك في نفي