٥ ـ السيرة القطعيّة العقلائيّة
السيرة القطعيّة من العقلاء على عمل من دون اختصاص بزمان أو مكان أو ملّة أو نحلة كالعمل بالظواهر الكلاميّة أو الأمارات أو أصل الصحة أو أصالة اليد أو الاكتفاء بالامتثال الظني عند تعذر الامتثال التفصيلي والإجمالي أو رجوع الجاهل إلى العالم وغير ذلك حجّة عقلائيّة.
ولكن السيرة العقلائيّة بنفسها ليست بحجّة شرعيّة لأنّ العمل لا كشف له بالنسبة إلى الواقع ، والقطع بالسيرة كاشف عن وجود السيرة لا كاشفيتها عن الواقع كما لا يخفى. وعليه فحجّية السيرة شرعا تحتاج إلى دليل خارجي ، وهو إمضاء الشارع ولو بعدم الردع عنها ؛ فإنّه تقرير بالنسبة إلى سيرتهم ، والإمضاء الشرعي يوجب حجيّة السيرة العقلائيّة لإثبات الحكم الشرعي ؛ لاكتفاء الشارع بها.
ولا فرق في ذلك بين أن يكون السبب في تحقق سيرة العقلاء هو الارتكاز كارتكاز رجوع الجاهل إلى العالم أو ندرة المخالفة كما في الأمارة أو تسهيل الأمر في مقام الامتثال أو غير ذلك ، فإذا علمنا بتحقق السيرة العقلائية وكونها في مرأى ومنظر الشارع وإمضائه إيّاها ولو بسكوته عن ردعها كانت السيرة المذكورة حجّة لإثبات الحكم الشرعي بلا كلام ، هذا بخلاف السيرة العقلائيّة الحادثة فإنّها ليست بكاشفة ولا تكون مورد الإمضاء الشرعي ، فلا حجّيّة لها لحدوثها وعدم كونها في مرأى ومنظر الشارع ، كما لا يخفى.
ثم إنّ السيرة القطعيّة العمليّة من العقلاء التي أمضاها الشارع حجّة بالنسبة إلى مورد عملهم ، ولا يتجاوز عنه إلى غيره ؛ لاختصاص عملهم بهذا المورد ، فلا وجه للتعدّي عنه إلى سائر الموارد.
نعم لو علم أن عملهم في مورد من باب المصداق والمثال فلا يختص عملهم بهذا المورد ، كما لعلّه لا يبعد دعوى عدم اختصاص ملكيّة الجهات والعناوين عند العقلاء بالجهات والعناوين التي كانت موردا للابتلاء في تلك الأزمنة كبيت المال والمساجد وعناوين الفقراء ،