الاستدلال بالإجماع
ربما يستدل بالإجماع على البراءة فيما لم يرد دليل على تحريم شيء من حيث هو وليس المراد منه دعوى قيام الإجماع والاتفاق على قبح العقاب على مخالفة التكليف الغير الواصل إلى المكلف حتى يقال إنّ الإجماع المذكور إجماع على أمر عقلي ولا يكشف عن الحكم الشرعي هذا مضافا إلى أنّ الإجماع على الكبرى لا ينفع إلّا بعد ثبوت الصغرى وهو عدم وصول دليل الاحتياط والمفروض أن الأخباريين يقولون بتمامية أدلة الاحتياط.
بل المراد من الإجماع المستدل به في المقام هو دعوى قيام الإجماع على جواز الارتكاب وعدم وجوب الاحتياط شرعا كما هو ظاهر فتاوى العلماء في الموارد المختلفة من الفقه.
قال الشيخ الأعظم قدسسره : لا تكاد تجد من زمان المحدثين إلى زمان أرباب التصنيف في الفتوى من يعتمد على حرمة شيء من الأفعال بمجرد الاحتياط.
نعم ربما يذكرونه في طي الاستدلال (على وجه التأييد) في جميع الموارد حتى في الشبهة الوجوبية التي اعترف القائلون بالاحتياط بعدم وجوبه فيها ولا بأس بالإشارة إلى من وجدنا في كلماتهم ما هو ظاهر في هذا القول أي القول بالبراءة إلى أن قال ومنهم الصدوق قدسسره فإنه قال اعتقادنا إنّ الأشياء على الإباحة حتى يرد النهي ويظهر من هذا موافقة والده ومشايخه لأنه لا يعبر بمثل هذه العبارة مع مخالفته لهم بل ربما يقول الذي اعتقده وأفتى به واستظهر من عبارته هذه إنّه من دين الإمامية إلى أن قال وأمّا الشيخ الطوسي قدسسره فإنّه وإن ذهب وفاقا لشيخه المفيد إلى أن الأصل في الأشياء من طريق العقل الوقف إلّا أنه صرّح في العدة بأن حكم الأشياء من طريق العقل وإن كان هو الوقف لكنه لا يمتنع أن يدل دليل سمعي على أنّ الأشياء على الإباحة بعد إن كانت على الوقف بل عندنا الأمر كذلك وإليه نذهب ثم قال الشيخ الأعظم قدسسره وبالجملة فلا نعرف قائلا معروفا بالاحتياط وإن كان ظاهر المعارج نسبته إلى جماعة (١) وعليه فدعوى قيام الإجماع على البراءة الشرعية ليست بمجازفة.
__________________
(١) فرائد الاصول : ٢٠٢.