٦ ـ السيرة المتشرعة
سيرة المتدينين بما هم متديّنون تكشف عن كون السبب في سيرتهم هو دينهم ، واحتمال أن يكون سيرتهم من عند أنفسهم لا من جهة أمر الشارع بعيد بل محال عادي ، وعليه فسيرة المتشرعة بنفسها كاشفة عن الدليل الشرعي كما لا يخفى.
والكشف المذكور عن أمر شرعي في السيرة المتشرعة هو الفارق بين السيرة المتشرعة والسيرة العقلائية ، لما عرفت من أن سيرة العقلاء لا تكشف عن الدليل الشرعي إلّا بإمضاء الشارع ولو بعدم الردع كما لا يخفى.
ثمّ إنّ سيرة المسلمين إذا كانت مستندة إلى قلّة المبالاة بأمر الدين ليست من سيرة المتدينين بما هم متدينون وخارجة عن محل البحث ، وإذا شككنا أن السيرة سيرة المتدينين بما هم متدينون أو سيرتهم بسبب قلة المبالاة في الدين ومسامحتهم لا تكشف عن الدليل الشرعي ، وليست بحجّة.
ثمّ إذا تعارضت السيرة المتشرعة مع السيرة العقلائية فالاولى مقدمة على الثانية وتكشف عن ردع الشارع عن السيرة العقلائية ؛ لأنّ السيرة العقلائية تكون حجّيّتها موقوفة على عدم ردع الشارع عنها ، والسيرة المتشرعة الكاشفة عن رأي المعصوم والدليل الشرعي تكفي في ردعها كما لا يخفى.
ثم إنّ كشف سيرة المتدينين بما هم متدينون عن الدليل الشرعي لا يختص باجتماع جميع الطوائف من المسلمين على عمل ، بل لعله يكشف عنه أيضا سيرة الفرقة المحقة بما هم متدينون. والفرق أن سيرة المسلمين تكشف عن رضا النبي صلىاللهعليهوآله وسيرة الفرقة المحقّة تكشف عن رضا أهل البيت عليهمالسلام ، وكلاهما حجّتان كما لا يخفى.
وكيف كان ، فاللازم في السيرة المتشرعة أن لا تكون السيرة مستندة إلى النصوص ، أو الفتاوى وإلّا فلا تكشف السيرة عن غيرهما لاحتمال استناد سيرتهم إليهما.