هذا مضافا إلى ما في تنظير المقام بالأخبار الواردة في الموارد الكثيرة المقتصر فيها على ذكر الثواب للعمل مثل قوله عليهالسلام من سرّح لحيته فله كذا وذلك كما أفاد شيخنا الأعظم قدسسره لأن استفادة الاستحباب الشرعي في مثل من سرح لحيته الخ باعتبار أن ترتب الثواب لا يكون إلّا مع الاطاعة حقيقة وحكما فمرجع أخبار مثل من سرح لحيته الخ إلى بيان الثواب على إطاعة الله سبحانه بهذا الفعل فهي تكشف عن تعلّق الأمر بها من الشارع فالثواب هناك لازم للأمر يستدل به استدلالا إنيا ومثل ذلك استفادة الوجوب والتحريم مما اقتصر فيه على ذكر العقاب على الترك أو الفعل.
وأما الثواب الموعود في أخبار من بلغ فهو باعتبار الإطاعة الحكمية فهو لازم لنفس عمله المتفرع على السماع واحتمال الصدق ولو لم يرد به أمر آخر أصلا فلا يدل على طلب شرعي آخر نعم يلزم من الوعد على الثواب طلب إرشادي بتحصيل ذلك الموعود والغرض من هذه الأوامر كأوامر الاحتياط تأييد حكم العقل والترغيب في تحصيل ما وعد الله عباده المنقادين المعدودين بمنزلة المطيعين. (١)
والحاصل أن جعل الثواب على عمله المتفرع على السماع واحتمال الصدق لا يكشف عن أمر آخر متعلق بهذا العمل مع هذا العنوان وذلك لأن العمل المأتي به بداعي احتمال الأمر مما يحكم العقل باستحقاق الثواب عليه وهو موضوع يقتضي بنفسه الثواب مع قطع النظر عن الأمر الشرعي لأنه احتياط وانقياد فلا يكشف جعل الثواب عليه عن تعلّق الأمر بالعمل المأتي به بداعي احتمال الأمر فضلا عن نفس العمل مع قطع النظر عن تفرعه على السماع وبلوغ الثواب ومع عدم الكشف المذكور لا مجال للحكم باستحباب العمل الماتي به بداعي احتمال الأمر فضلا عن نفس العمل فتدبر جيدا.
الأمر الثالث :
إنّه ليس مفاد أخبار من بلغ إسقاط شرائط حجية الخبر في باب المستحبات وإنّه لا يعتبر فيها ما اعتبر في غيرها من العدالة والوثاقة.
__________________
(١) فرائد الاصول : ٢٣٠.