الخلاصة
الاستدلال بقاعدة قبح العقاب بلا بيان
ربما يستدل بحكم العقل على البراءة والمراد منه هو حكمه بقبح العقاب على شيء من دون بيان التكليف بعد الفحص واليأس عن الظفر بما يكون حجة على المكلف واستشهد له بحكم العقلاء كافّة لقبح مؤاخذة المولى عبده على فعل ما يعترف المولى بعدم إعلام تحريمه لأنّه من مصاديق الظلم هذا مضافا إلى شهادة الوجدان بأنّ العقوبة والمؤاخذة بدون إقامة الحجة قبيحتان.
ويشكل ذلك بأمور :
منها : أنّ تلك القاعدة مصادرة حيث إنّ دعوى أنّ مخالفة التكليف تمّت عليه الحجة خروج عن زيّ العبودية فيكون ظلما قبيحا وأمّا مخالفة ما لم تتمّ عليه الحجة فليس ظلما ولا يستحق فاعله العقاب واللوم عين المدعي إذ ما ذا يراد بالحجة إذ لو اريد بها ما يصحح العقاب كانت القضية بشرط المحمول وإن أريد بها العلم فهو أوّل الكلام فيكون الدليل عين المدعى نفسه وبمنهجة غير فنيّة لأنّه التزم فيها بأنّ مرجع قضايا يا الحسن والقبح إلى قاعدة أوّلية بديهيّة هي حسن العدل وقبح الظلم.
وقد تقدم أنّ قضية قبح الظلم وحسن العدل لا يمكن أن تكون أوّلية لأنّ الظلم عبارة عن سلب ذى حق حقه فلا بد من تشخيص الحق الذى هو من مدركات العقل العملى نفسه في المرتبة السابقة عليه.
ويمكن الجواب عنه بأنّ الدعوى هي أنّ قضية حسن العدل وقبح الظلم من الوجدانيات البديهيّة ومن المعلوم أنّ الوجدانيات لا تحتاج إلى الاستدلال حتى يقال إنّ القضية المستدل بها بشرط المعمول أو عين المدعى ومصادرة ثمّ لا منافاة بين كون القضية المذكورة بديهية وبين تقدم تشخيص الحق والظلم والعدل على التقبيح والتحسين لأنّ تشخيص الحق والظلم والعدل أيضا من البديهيات وترتب الحكم البديهي على الموضوع البديهي لا ينافي بديهيّة القضية كما لا يخفى.