لا سبيل الى انكاره وإنّما انكر مفهوم الوصف من انكره لما رأى من أن غاية ما يمكن استفادته من الكلام دخالة مفهوم الوصف واما انه دخيل في اصل الحكم او في مرتبة من مراتبه فلا ولا طريق الى استظهار المفهوم من هذه الجهة وقد قلنا أن هذا المقال يختص بما اذا كان الحكم ذا مراتب كالوجوب والاستحباب والحرمة والكرامة واما اذا لم يكن كذلك مثل اصل الجواز من الاحكام التكليفيّة ومثل جميع الاحكام الوضعية فلا بد فيه من الالتزام بدخالة الوصف في اصل الحكم وهذا عبارة اخرى عن المفهوم ومن البديهى أن الحجية كانت من الاحكام الوضعية نظير الصحة ونحوها فلا تقبل الشدة والضعف اصلا (١) وذلك لما عرفت من أن المفهوم متفرع على استفادة العلة المنحصرة فما دام لم يعلم بانحصار عليته الوصف لا دلالة على المفهوم ولا فرق فيه بين كون الحكمة ذا مراتب وعدمه.
مانعية التعليل عن انعقاد المفهوم
ثم لا يذهب عليك أنه لو تم ما ذكر من دلالة الآية الكريمة على المفهوم لا يخلو الاستدلال بها عن اشكال آخر ، وهو ـ على ما في فرائد الاصول ـ أن المحكي عن العدة والذريعة والغنية ومجمع البيان والمعارج وغيرها انا لو سلمنا دلالة المفهوم على قبول خبر العادل الغير المفيد للعلم لكن نقول : أن مقتضى عموم التعليل ، وجوب التبين في كل خبر لا يؤمن الوقوع في الندم من العمل به وإن كان المخبر عادلا ، فيعارض المفهوم ، والترجيح مع ظهور التعليل.
لا يقال : أن النسبة بينهما وإن كان عموما من وجه ، فيتعارضان في مادة الاجتماع وهي خبر العادل الغير المفيد للعلم ، ولكن يجب تقديم عموم المفهوم وادخال مادة الاجتماع فيه ؛ إذ لو خرج عنه. وانحصر مورده في خبر العادل المفيد للعلم كان لغوا ، لانّ خبر الفاسق المفيد للعلم أيضا واجب العمل ، بل الخبر المفيد للعلم خارج عن المنطوق والمفهوم معا ، فيكون المفهوم أخص مطلقا من عموم التعليل.
__________________
(١) المحاضرات سيدنا الاستاذ المحقق الداماد قدسسره ٢ / ١٣٢.