الخلاصة
والبحث فيه يقع في جهات :
الجهة الأولى :
أنّ جماعة من القدماء كالسّيد والقاضي وابن زهرة وابن إدريس ذهبوا إلى عدم حجّيّة الخبر الواحد.
أدلّة المانعين :
واستدلّ المانعون بوجوه :
منها الآيات الدالّة على حرمة اتّباع غير العلم كقوله تعالى : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) وحرمة القول بغير العلم كقوله عزوجل : (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ).
والدالّة على عدم كفاية الظنّ كقوله تعالى : (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً).
ومن المعلوم أنّ الخبر الواحد ليس بعلم وإسناده إلى الله قول بغير علم وبالأخرة ظنّ والظنّ لا يغني من الحقّ شيئا.
وفيه أنّ أدلّة اعتبار الخبر الواحد قطعيّة وعليه لا يبقى مورد لهذه الآيات لورود أدلّة الاعتبار بالنّسبة إليها.
وبعبارة اخرى أنّ المراد من العلم في الآيات هو الحجّة ومعنى الآيات هو المنع عن اتّباع غير الحجّة وعن القول بغير الحجّة وأنّ غير الحجة لا يغني من الحق شيئا ومع قيام أدلّة اعتبار الخبر الواحد يكون الخبر الواحد من مصاديق الحجّة فلا مورد بعد ذلك للآيات المذكورة فأدلّة الاعتبار واردة بالنّسبة إلى الآيات المذكورة والتعبير بالحكومة لا يخلو من الإشكال بعد كون المراد من العلم هو الحجّة وإن أبيت عن الورود أو الحكومة فلا خفاء في كون أدلّة اعتبار الخبر الواحد موجبة لتخصيص تلك الآيات قضاء لتقديم الخاصّ على العامّ.
ودعوى أنّ قوله عزوجل : (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) آب عن التخصيص