ربّما يقال في الجواب عن هذا الاشكال : إنّ المأخذ ليس هو استكشاف مدرك روائي وصلهم ولم يصلنا ليلاحظ عليه بالملاحظتين ، بل استكشاف ما هو أقوى من الرواية ، وهو الارتكاز الكاشف تكوينا وقطعا عن رأي المعصوم بالنحو المتقدم شرحه. (١)
ولا يخفى ما فيه : فإنّ الكلام في الإجماعات لا السيرة والارتكازات الشرعية ، ولعله خلط بين الإجماع والسيرة ، هذا مضافا إلى أنّ هذا الجواب لا يدفع الإشكال عن الإجماعات غير المتصلة.
وكيف كان فالإجماع المحصّل المبتني على مباد محسوسة يكشف عن وجود النصّ عند تمامية الخصوصيات اللازمة للكشف المذكور ، ولكن تمامية الدليل من جهة الدلالة والسند عندنا غير محرزة ، فالأولى هو العدول عن هذا التقريب إلى التقريب السابق من أنّ الإجماع المتصل بإجماع الأصحاب حيث كان في مرأى ومسمع الإمام ولم يردع عنه يكشف عن كون ما ذهب إليه الأصحاب مرضيا عنده عليهالسلام ، ولا فرق في ذلك التقريب بين أن يكون له المستند أو لا يكون ، وبين أن يكون المستند تامّ الدلالة أو لا يكون ، وبين أن يكون المسألة موافقة للقاعدة أو لا تكون إذ الإجماع المحصّل في هذا التقريب يكشف على جميع التقادير عن تقرير الإمام المعصوم عليهالسلام نعم اللازم ان تكون المسألة من الاصول المتلقاة لا التفريعية الفرضية وان تكون من المسائل الشائعة لا النادرة كما اشرنا اليه آنفا.
وما اشتهر من أنّ الإجماع المعلوم المدرك أو محتمله لا يكشف عن شيء لا يجري في هذا التقريب ، بل هو مربوط بالإجماع غير المتصل إلى زمان المعصوم كإجماع المتأخرين ، ويلحق بذلك أيضا حجيّة فهم الأصحاب لأنّه هم الاتصال إلى زمان المعصوم كان حجّة لتقرير الإمام المعصوم ذلك الفهم فلا تغفل.
الأمر الرّابع : في الإجماع المنقول بحسب مقام الثبوت
واعلم أنّ الإجماع المنقول إمّا إخبار عن السبب وهي الفتاوى ، فإن كان إخبار الناقل
__________________
(١) مباحث الحجج ١ : ٣١٤.